لأكثر من خمسة وأربعين يوما، والتواصل استثنائي بين الارض والسماء، فتحت الجنان للاصفياء، وملائكة السماء تصطحب ملائكة من الارض في العروج الى الملكوت الاعلى، أوسمة علقت على أكتاف ثلة من الابرار، ثمانون قمرا أو أكثر نودي باسمائهم في الجنان، بعد أن قرئ في صحائف أعمالهم أنهم شهداء، وبعد أن نظر الى قلوب آبائهم وامهاتهم انهم لائقون بالانضام الى قافلة عوائل الشهداء.
فاللقب رباني يخص الله به من يشاء، وشاء أن يمنحه بالامس لمن امتحنه, فنال علامة الامتياز في الصدق والاخلاص والوفاء. لمن لا يكترث لمناصب أهل الدنيا، ولا يوفر أولاده اذا احتد النزال في ساحات الجهاد، فكان الانتقاء لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي زف نجله عباس شهيدا على طريق القدس بابتسامة المستبشر المطمئن.
بيض الله وجهه كما بيض وجوه كل أهالي الشهداء قال الحاج أبو حسن الذي سجل عتبا وحيدا على الشهيد عباس ” لقد كان أشطر مني، وكان أسرع مني في مضمار السباق الى الشهادة.”
سجل الحاج ابو حسن اسمه على السجل الخالد لعوائل الشهداء، وأضاءه بسراج ، فيما كان رفاق الشهيد عباس يسجلون مستوى قياسيا من الهجمات على مواقع الاحتلال على طول الحدود الجنوبية، فالكاتيوشا وصل بالعشرات الى مدينة صفد، ولاحقت الصواريخ الموجهة جنود الاحتلال في كل جحورهم ، فدمرت منازل على رؤوس الجنود.
وفيما كان طوفان عمليات المقاومة الاسلامية يغرق مواقع الاحتلال وتجمعات جنوده ، بدأت عاصفة من الانتقادات في الداخل الصهيوني بسبب اتفاق الهدنة.
فقد اعتبرتها أوساط صهيونية اقرارا صريحا بان تل ابيب لم تحقق أي هدف من العملية البرية، وأنها اولى اشارات الانتصار للمقاومة الفلسطينية ، وبحسب هؤلاء، فان الحكومة الاسرائيلية اضطرت للتحاور مع المقاومة بعدما فشلت في ضغطها العسكري الذي تمثل بقتل أكثر من خمسة عشر الف فلسطيني، والتدمير الهائل في قطاع غزة.