ظَنُّوا أنَّهم رَكِبوا اخيراً قاربَ النجاة، لم يَعلموا أنَّ مركبَهم أكثرُ تهالكاً من سفينةِ الوطن. اعتقدوا أنَّ البحرَ برحابتِه سيأخذُهم الى أرضِ الحُلُمِ بعدَ أن ضاقَ عليهم العيش، لم يُدركوا أنَّ الزورقَ الذي يُقلُّهُم أكثرُ ضِيقاً يتزاحمُ عليهِ طالبو النجاةِ من البؤسِ والفقرِ الذي استوطنَ الكثيرَ من أحياءِ طرابلس وعكار.
ولم يُدركوا أنَ تجارَ البشرِ ومصاصي الدماءِ يُقيمونَ أيضاً في البحرِ كما في اليابسة، العشراتُ حُشروا في مساحةٍ تكفي لبضعةِ أشخاص، وبحمولةٍ تزيدُ عن خمسةَ عشرَ ضعفاً من الوزنِ المسموحِ به، لا ستراتِ نجاة، ولا شيءَ من شأنِه أن يقاومَ الامواجَ المتلاطمة.
عادَ من عادَ مرغماً الى وطنِه بعدَ أن تمكنت قواتُ البحريةِ التابعةُ للجيشِ اللبناني من انقاذِهم فيما ابتلعَ البحرُ نساءً واطفالاً لم تُسعِفْهُم اياديهم الطريةُ على مقاومةِ قساوةِ البحر. وبغضِّ النظرِ عن حقيقةِ ما جرى في العمق، فانَ النتيجةَ فاجعةٌ بحجمِ الوطن، تخبرُ عن شعبٍ مقهورٍ متروك، لكنْ، الحذرُ مطلوبٌ من راكبي أمواجِ هذه المصيبةِ الذين قد يَتسللونَ لاشعالِ الفتنة، فَلْيرحموا هذا البلدَ في شهرِ الرحمةِ حيثُ بحرُ الاُنسِ الالهي المشْرَعُ لجميعِ قاصديه.
حزبُ الله عزّى بالفاجعةِ، وقال في بيانٍ اِنَ ما جرى في عُرضِ البحرِ يجبُ ان يكونَ بمثابةِ صرخةِ انذارٍ لكافةِ المسؤولينَ، مؤكداً انَ الحادثة مظهرٌ مأساويٌ للغايةِ من مظاهرِ الازمةِ الاقتصاديةِ المستفحلةِ نتيجةَ السياساتِ الخاطئةِ لعقود.