” في وقت قريب سأزور لبنان , انه قرار اتخذته ذاك ان لبنان هو ، ورغم اي شيء ، نموذج للعالم” . العبارة للحبر الاعظم البابا فرنسيس ، وهو قالها امام رئيس الجمهورية ميشال عون ، الذي يزور روما.
ورغم الاهمية الشكلية للزيارة ، فانه لا ينتظر منها ان تحقق الكثير، وخصوصا ان رئيس الجمهورية اعتبر امس لدى وصوله الى عاصمة الكثلكة ان المسيحيين بخير ، وان لبنان ليس بزائل .
طبعا ، التفاؤل في الحياة امر ايجابي ، لكنه يتحول انكارا عندما ينأى بصاحبه نهائيا عن الواقع. فاين وكيف يجد عون ان المسيحيين بخير؟ فالخير غير موجود لا عند المسيحيين ولا عند اللبنانيين ، فمعظم الناس هنا في الازمة سواء .
بالتوازي مع زيارة عون ، فان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يزور القاهرة. وقد تكلم البطريرك امام المرجعيات المصرية ، من دينية ودنيوية ، كلاما واقعيا . فهو اعتبر ان لبنان يمر بمرض ويجب ان يلجأ الى الاصدقاء.
كما حذر من جهة ثانية من خطورة سلاح حزب الله ، معتبرا ان التزام لبنان الحياد الايجابي الناشط هو الحل . اذا ، بين ما يطرحه رأس الدولة اللبنانية من جهة ، ورأس الطائفة المارونية من جهة ثانية فرق شاسع.
فالرئيس عون لا يواجه الواقع ولا الوقائع ، فيما البطريرك الراعي يضع الاصبع على الجرح. يوصف الداء، ويعطي الدواء. فطالما ان المسؤولين السياسيين عندنا يعيشون حال انكار ، هل من يتساءل ويتعجب لم تدهور وضعنا الى هذا الحد؟
في لبنان ، المواجهة بين غادة عون ورياض سلامة مستمرة. وجديدها اليوم ادعاء عون على حاكم مصرف لبنان بجرمي الاثراء غير المشروع وتبييض الاموال. وهذا الادعاء هو الثاني في اقل من اسبوع ، اذ كان سبقه ادعاء عون على سلامة بجرم الاهمال الوظيفي وهدر المال العام واساءة الامانة.
وقد رد سلامة على الادعاء الجديد اعلاميا ، عبر وكالة رويترز، حيث اكد انه أمر باجراء تدقيق ، وان التدقيق المذكور لم يكشف ان المال العام يمثل اي مصدر لثروته .
وبعيدا من الوقائع القانونية والقضائية ، الواضح ان كل ما يحصل هو ل “قبع” رياض سلامة من منصبه ، و لتغيير اركان النظام المصرفي اللبناني . والهدف ليس اعادة حقوق المودعين وصولا الى ضرب الفساد وتحقيق دولة الشفافية كما يشاع ، بل تغيير الوجه المالي والمصرفي للبنان ، تماما كما تم تغيير وجه لبنان على عدة مستويات .
بهذا الاطار تتحول غادة عون ومن وراءها مجرد أدوات لتنفيذ مخطط سياسي محلي – اقليمي يستهدف ضرب لبنان الذي نعرفه .
من هنا اهمية الاستحقاق الانتخابي الاتي . فهو استحقاق مصيري بكل المعايير والمقاييس. والصراع فيه بين توجهين وفريقين . فريق يريد الحفاظ على لبنان النموذج كما وصفه البابا اليوم ، وفريق آخر يريد ربط لبنان بمحور لا يؤمن الا بالحروب الدائمة المتنقلة. لذلك ايها اللبنانيون مشاركتكم في الاستحقاق الاتي هي الاساس.
فال ” تغيير بدو صوتك، بدو صوتك، وب 15 ايار خللي صوتكن يغير.