قبل شهر تماما جرت الانتخابات النيابية . ومنذ اربعة وعشرين يوما والبلد بلا حكومة فعلية .. وحتى بلا رئيس مكلف تشكيل الحكومة ! السبب ان رئيس الجمهورية لم يدع الى الاستشارات النيابية الملزمة . العوامل المعلنة لعدم الدعوة الى الاستشارات كثيرة ، والحجج جاهزة : بدأت بانتخاب مجلس النواب وهيئة مكتبه ولجانه ، وانتهت بزيارة آموس هوكستين الى لبنان . اليوم ، وبعدما سقطت الحجج كلها دعا رئيس الجمهورية الى الاستشارات النيابية ، لكن ليس بعد يوم او يومين او في مطلع الاسبوع المقبل على الاكثر ، وانما بعد ثمانية ايام تماما ! فلم هذا التأخير المزدوج : مرة بالدعوة ومرة بتحديد التاريخ ؟ وهل مسموح لبلد يعيش على حافة الهاوية ان يبقى بلا حكومة ، بل حتى بلا مسعى جدي لتشكيل حكومة ؟ الظاهر ان مصلحة جبران باسيل فوق كل اعتبار . اذ يتردد في الكواليس السياسية ان باسيل راغب في العودة الى قصر بسترس وزيرا للخارجية ، كما يريد لتياره ان يحتفظ على الاقل بوزارتي الطاقة والعدل ، فيما رئيس الحكومة المرجح تكليفه اي نجيب ميقاتي يرفض الشروط الباسيلية . فهل امام مصلحة جبران باسيل تؤجل كل المواعيد وتهون كل التضحيات… حتى التضحية بالناس وبالوطن؟.
تحديد موعد الاستشارات النيابية في بعبدا أزاح الاهتمام بعض الشيء عن نتائج زيارة هوكستين الى لبنان . في المبدأ الوسيط الاميركي سيعود الى لبنان الاسبوع المقبل حاملا الجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني. لكن تردد اليوم ان هوكستين قد لا يعود شخصيا الى بيروت ، وبالتالي قد يكلف السفيرة الاميركية في لبنان نقل الجواب الاسرائيلي الى رئيس الجمهورية. لكن، بمعزل عن هوية الرسول ، فان مضمون الرسالة هو الاهم. اذ للمرة الاولى يقدم لبنان الرسمي طرحا واحدا متكاملا حول الحدود البحرية، ولو ان الطرح شفهي وليس خطيا. فكيف سيرد الجانب الاسرائيلي على الطرح اللبناني؟ وهل يقابل الايجابية اللبنانية بايجابية مماثلة ، ام يعتبرها دليل ضعف فيزيد من شروطه التعجيزية؟ الجواب سيتبلور الاسبوع المقبل ، علما ان لبنان الواقف على حافة الانهيار لم يعد يحتمل اي نوع من انواع الانتظار، لان اي انتظار جديد ، هو امعان في غرز السكين في الجراح الاقتصادية والمعيشية الدامية.