انها دولة العجز والفشل واللاموقف. فبعد سكوت استمر اكثر من ثلاثين ساعة على تخطي حزب الله القرار الاستراتيجي للدولة عبر ارساله ثلاث مسيرات فوق كاريش، نطقت الدولة اخيرا. النطق المتأخر جاء بعد اجتماع انعقد بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب. اللافت ان بو حبيب الذي نطق باسم الدولة جاء نطقه غيرواضح لا بل متلعثما، اذ تجنب ان يأتي على ذكر حزب الله في موضوع المسيرات الثلاث ، فاكتفى بالكلام العام الذي لا يقدم ولا يؤخر! بو حبيب أهاب بجميع الاطراف ، وفق البيان الرسمي، التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والالتزام بما سبق واعلن بأن الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض. فمن هم الجميع الذين يعنيهم وزير الخارجية؟ وهل هناك غير حزب الله؟ طبعا لا. اذا لم التعمية المقصودة، وهل صار محرما على الدولة ان تسمي الامور باسمائهاعلى الاقل، وان تعلن من ينتهك قراراتها بالاسم ؟ وفي هذا الاطار بالذات، ما الموقف الحقيقي لرئيس الجمهورية؟ فوفق المادة 52 من الدستور فان من صلاحية رئيس الجمهورية وحده المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة فلم تخلى الرئيس القوي طوعا عن صلاحية اولاه اياها الدستور؟ ام ان عون يتشدد في تطبيق الدستور على الجميع الا على حزب الله؟ والا يعني هذا الامر ان الرئيس القوي لا يستخدم قوته المفترضة حيث يجب ان يستعملها؟
سياسيا، هدوء حذر يتحكم في المشهد الحكومي. فبعد التصعيد الاعلامي ليل امس ، يبدو ان الفرقاء المعنيين اخذوا هدنة هدفها استعادة الانفاس . مع ذلك فان ما حصل كانت له تداعياته السلبية المباشرة وغير المباشرة . فاللقاء الذي كان مقررا عقده اليوم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أجل الى موعد لم يحدد بعد. هذا في المباشر. اما في الأبعد فالأكيد ان السجال الاعلامي القاسي اثر سلبا على تشكيل الحكومة ، اذ كشف النيات المبيتة ، واكد ان حالة من عدم الثقة تتحكم في العلاقة بين فريق رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر من جهة ، وبين فريق رئيس الحكومة المكلف من جهة ثانية. حياتيا ، السجال بين اتحاد نقابات المخابز و الافران ووزارة الاقتصاد مستمر . فالافران جددت اليوم اتهامها لوزارة الاقتصاد بعدم حصولها على الطحين المدعوم المخصص لصناعة الخبز العربي . والظاهر ان التصعيد سيتواصل غدا مع المؤتمر الصحافي الذي دعت الافران والمخابز الى عقده وذلك لتعليل ازمة الخبز وهدر المال العام ومن تسبب به ، كما جاء في الدعوة . توازيا ، الدولار الاميركي واصل ارتفاعه ، فيما تعددت في بيروت والمناطق التظاهرات الاحتجاجية استنكارا للتدهور المعيشي الحاصل . كل هذا يحصل فيما لبنان يقاوم ، وفيما الحركة السياحية تسجل ارقاما لافتة . فحجوزات الطيران اكتملت من بداية تموز الجاري الى منتصف ايلول المقبل ، ما قد يؤدي الى زيادة الرحلات الجوية بما ان الطلب يفوق العرض . الا يعني هذا ان لبنان الجميل سيعود ، و”رغم كل شي” ؟