إنه انقلاب سياسي بكل معنى الكلمة، فالكلمة التي ألقاها السيد حسن نصرالله أمس هي أقرب إلى البلاغ رقم 1 منها إلى خطاب سياسي. نصرالله نعى ثلاثة أمور في خطاب واحد: المارونية السياسية، السنية السياسية واتفاق الطائف. وحاول من خلال طريقة كلامه والعبارات التي استعملها والأسلوب الذي اتبعه، التأكيد ان زمن الشيعية السياسية قد بدأ، وان ما تقرره الشيعية السياسية لا يمكن لأحد ان يتجاوزه حتى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف معا.
باختصار نصرالله قال بأعلى صوت: أنا الدولة والدولة أنا، راميا كرة النار في ملعبي الرئيسين، منتظرا ردة الفعل التي ستتضح معالمها الأولى في المؤتمر الصحافي الذي يعقده الرئيس الحريري الثلاثاء.
في القراءة السياسية، موقف نصر الله يؤدي إلى ثلاثة احتمالات: الأول، استسلام رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لشروط الحزب، وتشكيل حكومة يكون اسمها العلني الحكومة اللبنانية لكنها في الواقع حكومة “حزب الله”. الاحتمال الثاني، عدم قبول الرئيسين عون والحريري باملاءات “حزب الله”، ما يحول الأزمة من أزمة حكومة إلى ازمة حكم، وفي هذه الحال لا يمكن استبعاد حصول خضات أمنية هدفها كسر الجمود وفرض حلول معينة “على الحامي”، كما يقال. أما الاحتمال الثالث والأخير، فهو إمكان التوصل إلى تسوية تحفظ ما تبقى من هيبة الجمهورية، وما تبقى من صلاحيات الرؤساء ودور القيادات الأخرى، وذلك على قاعدة ان لا صوت يعلو على صوت الاستقرار.
لكن مهما كان الحل، فالثابت ان لبنان أصبح على خط الزلازل، وان ما بعد العاشر من تشرين الثاني لن يكون أبدا كما قبله.