في السياسة، يوم عيد انتقال السيدة العذراء لم يكن يوم عطلة. فالمؤتمر الصحافي للدكتور سمير جعجع استكمل فتح معركة رئاسة الجمهورية، بعد اسبوع حافل بدأ بزيارة وفد من حزب الله الى كليمنصو، وانتهى بزيارة جبران باسيل الديمان حيث التقى البطريرك الراعي. في القراءة السياسية ما قاله رئيس حزب القوات اللبنانية يشكل ردا على الزيارتين، وعلى ما قيل فيهما وبعد انتهائهما. فوليد جنبلاط يريد بحركته السياسية ان يصل الى رئيس توافقي يدور الزوايا، فيما جبران باسيل بدا في الديمان وكأنه يروج لنفسه، اما كمرشح قوي او حتى كناخب قوي، مطلقا رصاصة الرحمة على احتمالات وصول سليمان فرنجية الى قصر بعبدا.
طرح سمير جعجع أتى في سياق مختلف تماما. فهو لم يوافق على الرئيس التوافقي، بل انتقد النظرية معتبرا انها التي اوصلت لبنان الى ما هو عليه، ودعا في المقابل الى رئيس تحد يكون سياديا واصلاحيا بامتياز، وان لا تجمعه بمحور الممانعة اي صلة. اي ان القوات اللبنانية رفضت وصول رئيس لا لون له ولا طعم ولا رائحة، ويشكل استمرارا للازمة بدلا من ان يكون ضمانة لحلها. فالى اين سيصل الطرح المذكور في ظل توازن القوى القائم في البلد؟
الواضح ان المسؤولية تقع بشكل اساسي على قوى المعارضة، وتحديدا القوى التي اجتمعت الاثنين الفائت في مجلس النواب، وستجتمع مرة ثانية غدا، لكن بشكل مصغر لتحديد اجندة العمل في المرحلة المقبلة. فهل تكون هذه القوى على قدر التحدي، فتتوحد ليكون للبنان رئيس يحقق الخلاص ، ام تخيب امال من انتخبوا هذه القوى فيبقى لبنان في المراوحة القاتلة، وصولا الى الانهيار الكبير؟
حياتيا، بعد خمس عشرة دقيقة من الان يطفئ معمل دير عمار محركاته، ليتركز الانتاج من جديد في معمل الزهراني. لكن المشكلة ان المازوت في الزهراني لا يكفي لاكثر من عشرة ايام، ما يجعل لبنان باسره مهددا بالعتمة الشاملة بدءا من الخامس والعشرين من آب. علما ان الوقت هذه المرة ليس لمصلحة المسؤولين. فعلى افتراض ان الدولة طلبت باخرة مازوت على وجه السرعة، فانها بحاجة الى مدة شهر لتصل الى لبنان ولتفرغ محتوياتها. ما يعني ان الوضعَ بعد الخامس والعشرين من آب مفتوح على كل الاحتمالات، ومعظمها للاسف سيء! فهل من خطة لدى المسؤولين، وفي طليعتهم وزير الطاقة، لمواجهة الواقع الاسود الذي يهدد لبنان؟ الارجح لا، فالخطب الانشائية والمشاريع الخيالية عند الوزراء في لبنان كثيرة كثيرة، فيما الفعل قليل.
توازيا، ملف الترسيم لا يزال معلقا على عودة الوسيط الاميركي آموس هوكستين الى لبنان. وفي المعلومات ان هوكستين تواصل مع السلطات الاسرائيلية وتشاور معها في آخر المستجدات وفي موقفها من الطروحات اللبنانية. لذلك فان الاسبوع الحالي سيكون حاسما. فاذا اعتبر هوكستين ان الجواب الاسرائيلي ايجابي فانه سيأتي الى اسرائيل ومن ثم الى لبنان باعتبار ان الحل يمكن ان يتحقق وان يصبح امرا واقعا. اما اذا رأى ان الجواب الاسرائيلي غير ايجابي فانه قد لا يعود الى المنطقة قريبا. فهل تتغلب الايجابية على السلبية، ام ان لا امل في تحقق الترسيم قبل نهاية العهد الحالي؟