بعد اربعة ايام واربع ساعات وخمس عشرة دقيقة تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. حتى الان الحركة السياسية المتعلقة بالانتخابات لا تزال خجولة. فالمعارضة لم تحسم قرارها بعد ولم تتفق على اسم واحد او سلة اسماء ترشحها للرئاسة وتخوض المعركة باسمها. السبب الاساسي للتأخير ان قوى التغيير لن تنجز ورقتـها قبل نهاية الاسبوع المقبل ما يعني ان الصورة لدى المعارضة لن تبدأ بالتبلور الا بعد الرابع من ايلول.
اما بالنسبة الى قوى السلطة فان المعركة الصامتة بين جبران باسيل وسليمان فرنجية مستمرة، وهدفها من الجانبين واحد: نيل تأييد حزب الله للوصول الى قصر بعبدا. لكن حتى الان حارة حريك تلتزم الصمت المطبق حيال الملف الرئاسي وتفضل عدم الدخول في لعبة الاسماء لسببين: الاول لان حزب الله لا يريد ان يغضب احد حليفيه المسيحيين قبل ان تصل اللعبة الى خواتيمها، والثاني ادراكـه ان ما ينطبق على معركة الرئاسة عام 2018 لا ينطبق بتاتا على ظروف معركة 2022. فالتوازنات اختلفت محليا واقليميا ودوليا، والوضع اللبناني الهش لا يسمح بتكرار تجربة رئاسية على غرار تجربة ميشال عون، التي اوصلت البلد الى انهيار شبه تام. فهل يكون الحل برئيس وسطي جامع، يعيد جمع ما فرقه العهد العوني بين اللبنانيين، ويعيد وصل ما انقطع بين لبنان والعالمين العربي والغربي؟
حكوميا، الاسبوع الطالع هو اسبوع الحسم مبدئيا. فعودة جبران باسيل من اجازته الصيفية في جزر اليونان ستضخ الحياة من جديد في محركات الوساطة التي يقوم بها حزب الله، لمعالجة الوضع الحكومي المعقد.
وفي المعلومات فان حزب الله سيعمل مع حركة امل على محاولة رأب الصدع القائم بين رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة، وبين رئيس الحكومة المكلف من جهة ثانية. وقد ترتكز الوساطة على فكرة اعادة تعويم الحكومة الحالية بعد تغيير اسمين فيها هما وزير المهجرين ووزير الاقتصاد، لكن شرط ان يسمي الرئيس عون البديلين عنهما. فهل تنجح الوساطة المذكورة في اخراج لبنان من عنق الزجاجة حكوميا، ام ان كل ما يحصل على هذا الصعيد سيصطدم في نهاية المطاف بتعنت من هنا وعناد من هناك؟ الايام القليلة المقبلة ستجيب عن السؤال المطروح.
وفي ما يخص الترسيم الوقت ينفد لبنانيا، ولا اخبار عن موعد عودة آموس هوكستين الى المنطقة. فما وراء الغموض؟ وهل القصد منه اضاعة الوقت لعدم التوصل الى اتفاق نهائي حول الترسيم قبل الانتخابات الاسرائيلية ؟ على اي حال المعادلة واضحة: لا ترسيم يعني لا انتخابات رئاسية. فهل سنصل ال هذه المعادلة السلبية التي تسرع وصولنا الى الانهيار الكبير؟
لكن قبل تفصيل الوقائع السياسية والحدودية نتوقف مع فصل جديد من مسلسل الموت على الطرقات اللبنانية، والذي سقط ضحيته اليوم الفنان جورج الراسي مع مساعدته . الحادث المأساوي حصل عند نقطة المصنع الحدودية، والسبب فاصل اسمنتي مصنوع عشوائيا وعدم وجود انارة على الطريق الدولية. فهل مسموح ان تبقى طرقاتنا مسرحا للموت؟ الم يكتفي المسؤولون عندنا من قتلنا يوميا: اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وتربويا وسياسيا، حتى انتقلوا الى قتلنا على الطرقات العشوائية المعتمة؟ حقا انها منظومة لم تأت على اللبنانيين الا بالموت على انواعه، لذلك تستحق عن جدارة لقب: السلطة المجرمة.