لبنان واحد لا لبنانان. انه الشعار الاشهر في تاريخ لبنان. اطلقه الرئيس الراحل صائب سلام في سبعينات القرن الماضي رفضاً للتقسيم وتأكيدا لوحدة لبنان . شعار الامس لم يعد ينطبق على اليوم. اذ صرنا في لبنانين لا في لبنان واحد. لبنان الاول هو لبنان الفن والثقافة والحضارة، لبنان الفرح وحب الحياة، لبنان فرقة “مياس” التي رفعت اسم لبنان عالميا، فاعادت الى اللبنانيين زهو الايام الفائتة، واثبتت من جديد ان العطاء اللبناني، وان خبا قليلا بسبب الظروف المأسوية التي يعيشها الوطن، لكنه أقوى واصلب من ان يندثر. اربعون شابا وشابة من لبنان حازوا عن جدارة لقب “اميركاز غات تالنت”. وما ان رأوا علم بلادهم يرفرف في لوس انجليس حتى ذرفوا الدموع ، لانهم ادركوا كم ان الانسان في لبنان يمكنه ان يتألق في كل انحاء العالم ، لو ان الطبقة الحاكمة لم تسرق منه كل شيء! لكنها مع ذلك لم تستطع ان تسرق منه الاحلام الحلوة الصعبة والقدرة على تحقيقها.
لبنان الاخر تجسد اليوم في مجلس النواب ، حيث بدأت جلسة مناقشة الموازنة واقرارها . في الشكل ، الديمقراطية تجلت في ابهى صورها من خلال الكلمات التي القاها النواب ، ومن خلال الاداء البرلماني المتكامل. لكن في المضمون ما حصل كان مسرحية ً سيئة لا اكثر ولا اقل . اذ ان معظم النواب ، من الموالين والمعارضين ، انتقدوا الموازنة وذرفوا دموعَ التماسيح على الناس وعلى المدخرات التي تبخرت , وعلى الغلاء الذي يهدد الامنَ الاجتماعي في الصميم . لكن فات هؤلاء النواب ان كتلَهم وتكتلاتِهم هي التي اوصلت البلد الى هنا ، وهي المسؤولة عن افلاس الخزينة وانهيار الدولة . فعلى من يضحك هؤلاء النواب في تمثيلياتهم السمِجة مثل وجوههم ؟ ولتكـتمل المسرحية المضحكة – المبكية ، زار اليوم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي قصر بعبدا، واعلن انه عندما سيأتي مرة ثانية سيبقى في بعبدا حتى تشكيل الحكومة ، واضاف بالحرف الواحد: ” ما رح روح ، رح نام هون” . فصح النوم يا حضرة الرئيس المكلف ، وايها اللبنانيون صوموا وصلّوا علكم تصبحون ذات يوم على حكومة!