كل مؤشرات الترسيم ايجابية. فلبنان تسلم في الموعد المحدد رسالة خطية من الوسيط الاميركي اموس هوكستين، تتضمن الاقتراحات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية. حتى الان تفاصيل الاقتراحات لم تُعرف، لكن ما سُرب منها يوحي انها ايجابية بحسب الرئيس نبيه بري، و ايجابية جدا بحسب السفيرة الاميركية. لكن بمعزل عن الانطباع الاولي، الاكيد ان المقترح الاميركي الذي يقع في عشر صفحات باللغة الانكليزية، يتضمن الكثير من الاحداثيات والمواقع والارقام والامور التقنية التي تستلزم البحث المعمق. لذا ستحال نسخة ٌ منه الى قيادة الجيش اللبناني لدراستها واعطاء الرأي النهائي فيها. كذلك فان الرئيس ميشال عون اتصل فور تسلمه المقترح بالرئيسين نبيه بري و نجيب مقاتي واتفق الثلاثة على عقد اجتماع في مطلع الاسبوع المقبل. فهل ينطلق قطار الترسيم فعليا وعمليا بدءا من الاسبوع المقبل، ام ان التمعن في التفاصيل سيُثبت وجودَ افخاخ اسرائيلية في الاقتراحات المقدمة الى لبنان؟ الاجابة النهائية للاسبوع المقبل. علما ان القناة 12 الاسرائيلية استبقت الرد اللبناني، واعلنت ان الطاقم الامني الاسرائيلي سيصدّق الاسبوع المقبل على اتفاق الترسيم مع لبنان. فهل الاجواء الاسرائيلية تعبّر عن الحقيقة، ام انها مجردُ مناورة من المناورات التي اشتهرت بها اسرائيل؟
حكومياً، انتظار ثقيل لمعرفة ما اذا كانت الايجابيات التي حكمت المشهد في نهايات الاسبوع الحالي ستستمر وستترجَم عمليا، ام ان المراوحة القاتلة ستظل سيدة الموقف. رئاسيا، لفت موقفان. الاول فرنسي اذ اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية ان على القادة اللبنانيين ان يكونوا على مستوى الحدث، وانه من المهم ان ينتخب لبنان رئيسا جديدا للبلاد قبل 31 تشرين الاول. في المقابل خرج حزب الله عن صمته الرئاسي، اذ اعلن على لسان نائب امينه العام انه لا مجال لان يصل الى رئاسة الجمهورية شخص استفزازي من صنع السفارات، وان هناك نوابا صادقين سيقفون في المرصاد لمن يؤديَ الى هذا العبث. موقف نعيم قاسم يثبت انزعاج الحزب من التقاء قسم لا بأس به من المعارضة على اسم ميشال معوض، وخشيته من ان تتوسع دائرة الملتفين حوله. قضائيا، الرئيس ميشال عون كرر اليوم مطالبته القضاة بأن ينتفضوا ويواجهوا من يقيد العدالة في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت. فلم يا ترى يجهّل عون دائما الفاعل؟ ولم لا يسمي الامور باسمائها؟ فهل نسي ان حليفَه حزبُ الله هو من ارسل مسؤوله الامنيَ الاولَ الى قصر العدل في بيروت ليهدد القاضي البيطار ؟ وهل نسي ايضا ان الثنائي امل- حزب الله هو من يعطل القضاء من خلال منع تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز؟ فالانتفاضة يا حضرة الرئيس مطلوبةُ منك قبل القضاء، لأننا لم نسمع موقفا منك يدين ما يرتكبه حلفاؤك في حق الحقيقة والعدالة… وبما تبقى من قضاء.