أنظار العالمِ كلِّه تتجه صوبَ قطر. حبسُ الانفاس بدأ، والصراعُ على الكرة الصغيرة ينطلق بدءاً من الغد بين فِرقٍ أعدّت نفسَها للتحدّي الكبير. المؤسف في الموضوع أنَّ اللبنانيين الذين منّوا النفس بأن يشاهدوا المبارياتِ المنتظرة على شاشة تلفزيونِهم الرسمي، اُصيبوا بخيبة أمل. ذاك أنَّ المفاوضاتِ بين الحكومةِ اللبنانية وبين الجهاتِ المكلفةِ بتأمين نقلِ المباريات لم تتوصّل حتى الآن إلى نتيجة ايجابية. فثمة صعوباتٌ وتعقيداتٌ كثيرة لا تزال تعتري المفاوضات، فيما الوقتُ أصبح داهماً، لأن العرس الكُروي العالمي ينطلق بعد أقلَّ من أربع وعشرين ساعة. وبينما اللعبةُ الكرويّةُ في قطر تستعد للساعة الصفر، فإن حرارةَ اللعبةِ الديمقراطيةِ في لبنان هي تحت الصفر. فعطلة نهايةِ الأسبوع فرضت نفسَها على حركة الإتصالات والمفاوضات، بحيث سادَ الهدوءُ النسبيّ على مختلف الجبهاتِ السياسيّة. مع الإشارة إلى أنَّ اليومين الفائتَين كانا لافتين جداً على صعيد فريقِ الممانعة، إذ أكدا من جديد أن الفريق المذكور يعاني كثيراً من ظواهر الحالةِ الباسيليّةِ المتفلّتة من أيِّ ضوابط . فباسيل يلتزم إلى النهاية مبدأ “أنا أو لا أحد” . وقد دفعه المبدأُ المذكور حتى إلى محاولة التفاوضِ مع الرئيس نبيه بري بمعزل عن حزب الله، ما أدّى إلى اهتزاز علاقةِ الحزب برئيس التيارِ الوطنيِّ الحر. لكن رغم تلبّد الاجواء على خط ميرنا الشالوحي_ حارة حريك، فان حزب الله يبقى المستفيد الاول من أداء باسيل . فهو في الوقت الراهن غير مرتاح لا الى التوازنات المحلية، ولا الى التطورات الاقليمية، ولا سيما الى الانتفاضة غير المسبوقة في ايران. وبالتالي فهو يفضل عدم حرق الورقة الرئاسية اللبنانية في هذا الوقت بالذات. من هنا فان الحزب يتمترس وراء طموحات جبران باسيل في الوقت الضائع، بانتظار جلاء الصورة لبنانيا واقليميا. هكذا، فان الاقتراع بالورقة البيضاء سيستمر كل خميس الى اجل غير محدد ، طالما ان لا تغيير جذريا على صعيد تعاطي الثنائي الشيعي وحلفائه مع الاستحقاق الرئاسي. توازيا، يتواصل الحراك الفرنسي لاخراج الانتخابات الرئاسية في لبنان من عنق الزجاجة. وستنطلق باريس من اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتكثيف اتصالاتها ذات البعد الرئاسي محليا واقليميا ودوليا. فهل ينجح الحراك الفرنسي في احداث خرق ما على صعيد الملف الرئاسي، ام ان الشغور الرئاسي سيستمر، وفرنسا ماكرون لن تتمكن من تحقيق ما تصبو اليه، ما دامت اللعبة الداخلية مكربجة، وما دامت اللعبة الخارجية محكومة بعقد وتعقيدات لا تستطيع فرنسا ماكرون فكفكتها؟