غداً يومٌ آخر. فترةُ الأعياد انتهت، ومعها انتهت فترةُ السماحِ المعطاةِ للقوى السياسية كي تُطلقَ ديناميةً جديدة في ما يتعلق بانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية. لكن أيُّ ديناميةٍ جديدة لم تُطلَق . فالقوى المؤثرةُ لم تستثمر الوقتَ الضائع في الأعياد لعقد حوارٍ حقيقيٍّ في ما بينها. هكذا يعود لبنان بدءاً من الغد إلى الدوامة نفسِها: رئيسُ مجلس النواب يدعو إلى جلسة جديدة فينتخبَ النوابُ في دورة أولى، ثم يرفعُ بري الجلسةَ بعد تعطيلِ النصاب. واللافت أن بري لم يدع حتى الآن النوابَ إلى جلسة الخميس، فما القصدُ من التأخير؟ وهل يفكر برّي في تأجيل الدعوةِ الى الجلسة الحاديةَ عشرة ، طالما أنَّ نتائجَها ستكون تماماً كنتائج الجلساتِ العشرِ السابقة؟
توازياً، برزت الدعوةُ التي أطلقها رئيسُ حزب القوات اللبنانية لرئيس مجلس النواب كي لا يقفلَ الجلسةَ الحادية عشرة بعد انتهاءِ الدورةِ الأولى، وأن يبقيها مفتوحةً ليس بين دورةٍ ودورة فقط بل بين يومٍ وآخر، وذلك حتى انتخابِ رئيسٍ للجمهورية. واعتبر جعجع أنه هكذا تكون الدعواتُ الجديّةُ للوصول الى انتخاب رئيس، لأنَّ الحوارَ الرسمي يتمُّ في مجلس النواب بين دورةٍ وأخرى، وليس إلى طاولة حوارٍ غيرِ دستورية هدفُها الوحيدُ التغطيةُ على من يعطّلُ انتخاباتِ الرئاسةِ الأولى. والسؤال: كيف سيردُّ بري على الإنتقاد الواضح والمباشرِ الموجّهِ له من جعجع؟ أم سيدير “دينة الطرشا”، معتبراً أنه يحقّ له ما لا يحقّ لسواه، وأن التعطيل جزءٌ من اللعبة الديمقراطية كما يردّد أركانُ الممانعة؟
على اي حال بات واضحا ان الاستحقاق الرئاسي بات رهينة ايران و وحزب الله، اللذين لا يريدان حاليا اخراج الرئاسة من عنق الزجاجة بانتظار متغيرات يراهنان على حصولها. وهو موقف كان عبّر عنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بصيغة ملطفة قليلا، علما انه غالبا ما يتفهم مواقف الحزب في عدد من الملفات والقضايا.
توازيا، ينتظر اللبنانيون ما سيحمله الوفد القضائي الاوروبي من جديد بالنسبة الى ملفات الفساد في لبنان. وفي حين يؤكد البعض ان الاستجوابات التي ستشمل خمسة عشر شخصا ستفتح قضايا الفساد بشكل كبير وفاقع، ثمة من يؤكد في المقابل ان الوفد القضائي الاوروبي مهتم فقط بملف تبييض الاموال بين لبنان وسوريا، وانه يريد منع انعاكساته السلبية على اوروبا. فاي النظريتين هي الاصح؟ الاجابة لن تكون بعيدة، انطلاقا من اسلوب عمل الوفد القضائي الاوروبي بدءا من الغد، والمنحى الذي سيتبعه في استجواباته. على صعيد آخر، اقيم وداع كبير اليوم لابن الفنان جورج وسوف، امتد من لبنان ليصل الى سوريا . وفي الاشرفية رفع محبو وديع وسوف الجثمان امام الكنيسة على صدى اغنيات والده، التي اثبت بعضها كاهن رعية القديس نيقولاوس في عظته . هكذا فان وديع جورج وسوف، الذي كان وديعا حقا، ترك الارض وسط ايقاعين: ايقاع اغنيات والده، وايقاع التراتيل السماوية.. فطوبى للودعاء لانهم يرثون الارض، كما قال السيد المسيح.
