IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الأربعاء في 25/01/2023

في الظاهر انها عصفورية قضائية. وفي الظاهر ايضا الكباش هو بين المحقق العدلي وبين مدعي عام التمييز. وفي الظاهر ايضا وايضا، المعركة تبدو كأنها بين اهالي ضحايا تفجير الرابع من آب من جهة، وبين الموقوفين واهالي الموقوفين من جهة ثانية.
لكن الامر أعمق وأبعد. المعركة هي باختصار: هل هناك دولة ام لا؟ وتحديدا اكثر: هل هناك دولة قانون ام لا؟

بعد الرابع من آب ظن كثيرون ان المنظومة انهارت، وخصوصا ان تفجير المرفأ اتى بعد انفجار الشارع في ثورة 17 تشرين. لكن تبين ، حتى الان على الاقل، ان المنظومة اقوى من دولة القانون والعدالة. والمقصود بالمنظومة هنا بشكل اساسي ثنائي امل – حزب الله، الذي عرقل منذ البداية تحقيق المرفأ. فاطلق الاتهامات ودعاوى الرد على المحقق العدلي الاول، فادي صوان، واستكمل الهجوم على المحقق العدلي الثاني طارق البيطار . وكانت قمة التدخل في القضاء الزيارة الشهيرة وغير المسبوقة التي قام بها مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا الى العدلية لتهديد البيطار ومن يؤيده . هكذا كشف الثنائي ، وتحديدا حزب الله، عن وجهه الحقيقي، مؤكدا انه لن ينصاع لقضاء، وانه لن يخضع لعدالة!

اما وقد وصلنا الى هنا، فماذا بعد؟ يعني ماذا بعد التخبط القضائي الذي بلغ مرحلة الفوضى وحتى الجنون؟ وماذا بعد دعاوى الادعاء المتبادلة بين غسان عويدات وطارق البيطار؟ وماذا ايضا بعد اخلاء سبيل الموقوفين في قضية المرفأ؟

الحقيقة التي ينبغي الاعتراف بها ان ثنائي امل- حزب الله نجح في منع المحقق العدلي من القيام بدوره طوال ثلاثة عشر شهرا واغرقه في دعاوى رد ومخاصمة لا تنتهي.. ونجح ايضا في ضرب القضاء من الداخل. ثم نجح في قسمة الجسم القضائي عموديا وفي تحويل المعركة الى معركة بين قضاة، بدلا من ان تكون بين قضاة ومجرمين!

لقد اثبت ثنائي امل – حزب الله حتى الان انه اقوى من القضاء اللبناني. فلا حقيقة يمكن ان تكشف طالما ان الدويلة اقوى من الدولة. ولا عدالة يمكن ان تتحقق طالما ان حزب الله قادر على تنفيذ 7 ايار قضائي، كما فعل. لذا لا حل الا باللجوء الى القضاء الدولي، وبتشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف المجرمين. والمقصود بالمجرمين هنا من استقدم النيترات الى لبنان ومن خزنها ومن تغاضى عن وجودها وجعلها معرضة للانفجار ولتفجير عاصمة بأكملها. علما ان كشف المجرمين قد لا يؤدي الى تحقيق العدالة. ولمن نسي، فليتذكر ان كشف قاتلي الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يؤد الى محاكتمهم، لأن حزب الله أخفاهم وحماهم ومنع الوصول اليهم. ترى، الا تذكر فصول جريمة تفجير المرفأ بفصول جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه؟ والا تذكر الممارسات القضائية لحزب الله في جريمة المرفأ بممارساته في جريمة اغتيال الحريري؟ ففي انتظار تحقق العدالة المنشودة، يوما ما، دعاءان يرفعان: رحم الله الضحايا، وحمى لبنان.