مرة جديدة يثبت مجلس النواب الحالي أنه ليس دمية في يد المنظومة الحاكمة والمتحكمة، وأن المعارضة فيه قادرة أن تواجه أركان الدولة العقيمة ومصالحهم. فهؤلاء كانوا توافقوا في ما بينهم على أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة اشتراعية الخميس المقبل، تحت شعار: تشريع الضرورة. وبناء عليه، فإن بري دعا هيئة مكتب المجلس للإجتماع الإثنين كتمهيد لجلسة الخميس. لكن المعارضة أدركت حقيقة المخطط الذي يتم الإعداد له، وأن الهدف من الجلسة غير الدستورية وغير الشرعية ليس تشريع الضرورة، بل تأمين مصالح أركان المنظومة بتمديد من هنا وتعيين من هناك، وبمشاريع قوانين لا تؤمن مصلحة الوطن بل مصلحة هذا أو ذاك من السياسيين. لذلك وقع ستة وأربعون نائبا عريضة اليوم أعلنوا فيها عدم مشاركتهم في أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية، كما أكدوا أنهم لن يعترفوا بأي من قوانينها وسيمارسون تجاهها أي حق يمنحهم إياه الدستور للطعن بها. إنه موقف للتاريخ يسجله ستة وأربعون من نواب الأمة، لكنه لا يزال في حاجة إلى تأييد تسعة عشر نائبا ليصبح نافذا، أي حتى لا يتأمن النصاب للجلسة النيابية المزمع الدعوة اليها. فماذا سيفعل النواب الآخرون؟ وتحديدا أكثر: ماذا سيفعل جبران باسيل والتيار الوطني الحر؟
لماذا التركيز على جبران باسيل؟ لأن رئيس التيار يخوض منذ اكثر من ثلاثة اشهر معركة باسم المسيحيين عنوانها: منع انعقاد جلسات الحكومة في ظل الشغور الرئاسي. فلماذا اذا يتردد في اعلان موقف رافض لعقد جلسة لمجلس النواب في ظل شغور الرئاسة؟ ام ان ما يصح على جلسات الحكومة لا يصح على جلسات مجلس النواب؟ ترى، اليست المصالح الخاصة هنا هي التي تتحكم في قرار باسيل، وبالتالي فان لا صوت عنده يعلو على صوت المصلحة؟ لكن، وبمعزل عن موقف باسيل، فان اللبنانيين يدركون تماما ان مجلس النواب هو اليوم هيئة ناخبة لا اكثر ولا اقل. فليتوقف الرئيس بري واركان المنظومة عن التلاعب بالدستور لمصلحتهم، كذلك فليراجع جبران باسيل حساباته، وليكن صادقا مع نفسه ومع طروحاته وشعاراته، ولو لمرة واحدة على الاقل!
توازيا، الدولار يواصل ارتفاعه غير المسبوق متخطيا سقف ال 66 الف ليرة، مع تسجيل غياب رسمي شبه تام وسكوت حكومي مطبق. في الاثناء، تتواصل اعمال الاغاثة في كل من سوريا وتركيا في ظل اوضاع فائقة الصعوبة وطقس بارد. وفيما فرص العثور على ناجين من بين الانقاض تتضاءل ، ارتفع عدد الضحايا في البلدين الى اكثر من ستة وعشرين الف شخص، وهو عدد الى ارتفاع، ناهيك عن الجرحى والدمار الهائل الذي اصاب مناطق باكملها. وهي صورة سوداوية تثبت مرة جديدة ان زلزالي فجر الاثنين هما من أسوأ الكوارث التي عرفتها البشرية في القرن الحالي!