الإتفاق السعوديّ – الإيراني في الصين خلق حالَ ترقّب في كلِّ المنطقة، وحتى في العالم. فماذا بعد إنجاز الإتفاق، وتحولِه حقيقةً ملموسةً بعد شهرين؟ وما تداعياتُه على بلدان المنطقة التي لإيران أذرعٍ عسكريةٍ فيها، بدءاً من لبنان، مروراً بسوريا والعراق، وصولاً إلى اليمن؟ وَفق المتداول، فإنَّ الإتفاق بين الطرفين إنطلق في المبدأ من ضرورة التوصل إلى حلٍّ للحرب اليمنيّة. وقد توسع من اتفاق هدنةٍ في اليمن، ليتحول تطبيعاً للعلاقة بين القُوَّتين الإقليميّتين الكبيرتَين. أي أنَّ الهمَّ اليمني هو ما حرّك المحادثاتِ في الأصل. لكنّ المعطى المذكور لا يعني بتاتاً أنّ إطار التفاهماتِ لا يمكن أن يتطوّر، ليشمل بلداناً تتدخّل فيها إيران بقوة، عسكرياً وأمنياً، ومنها لبنان. لكن، حتى مع افتراض حصولِ التفاهماتِ المذكورة فإنها ستستلزم بعضَ الوقت، فيما الإستحقاقُ الرئاسيُّ داهمٌ في لبنان، والوضعُ الإقتصاديُّ- الإجتماعيُّ متفجّرٌ ينذر بعواقبَ كبيرة. وبالتالي فإنّ من اعتقدوا أنَّ الأزمة الرئاسيةَ ستُحَلُّ بكبسة زر في ظلِّ الإتفاق السعوديّ- الإيراني، ظهر عمقُ خطأِهِم. فلبنان سيبقى معلّقاً على خشبة الإنتظار إذا لم يسع إلى حلِّ مشاكِلِه بنفسه. وهو ما أشار إليه بوضوح وزيرُ الخارجية السعوديّ، حين أكد أنَّ لبنان بحاجة إلى تقارب لبنانيّ وليس إلى تقارب سعوديٍّ- إيراني. فمتى يعي المسؤولونَ اللبنانيّونَ هذه الحقيقة؟
واللافت في السياق، أن القوى التي تدور في فلك الممانعة سارعت الى تأييد الاتفاق وابراز ايجابياته، وهو ما تظهر خصوصا عند اركان حزب الله، وشخصيات تدور في فلك الحزب . وقد تناسى هؤلاء أنهم كانوا قبل ستة ايام يستمعون ويشاهدون الامين العام لحزب الله حسن نصر الله ، وهو يؤكد ان على من يراهن على تسوية ايرانية – سعودية قريبة ، فان عليه ان ينتظر طويلا. العبارة التي قالها نصر الله في يوم الجريح في السادس من آذار ، تؤكد ان حزب الله ليس على علم اطلاقا بما تخطط له السلطة السياسية في ايران. اي ان دوره يقتصر على التنفيذ، ولا دور له في صناعة القرار كما يدعي احيانا! حتى انه لا يعرف بالقرارات الاستراتيجية المهمة قبل حصولها ولو بأيام قليلة. ماليا، العملة الخضراء تواصل ارتفاعها غير المسبوق، وتتابع خطاها الواثقة نحو المئة الف ليرة . وقد تم التداول بالدولار اليوم في حدود ال 92,500 ليرة. وهو امر يحمل على القلق وخصوصا ان المصارف تستعد للاضراب يوم الثلثاء، ما يزيد الواقع المالي تعقيدا. تربويا، ايضا الاضراب على الابواب. اذ ان اساتذة التعليم الخاص يلوحون بالاضراب الثلثاء اذا لم تستجب السلطات المعنية لمطالبهم قبل ذلك. فهل يعي المسؤولون أخيرا ان الاوضاع المالية والاقتصادية والتربوية غير السوية، لا تحتمل تأجيل الاستحقاق الرئاسي في انتظار تبلور نتائج الاتفاق السعودي – الايراني؟