قمة جدة انتهت، وعادت الوفود الى بلدانها بعدما انجزت المهمة. الوفد اللبناني، الذي ترأسه رئيس الحكومة ، غادر المملكة . في الظاهر لبنان لم تكن له حصة كبيرة من اعلان جدة . فالبند الخامس المتعلق بالوضع اللبناني لم يتجاوز الاسطر الثلاثة ، وتضمن كلاما عاديا عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وتحقيق الاصلاحات. لكن في العمق الامر مختلف . فاهمية اعلان جدة تبقى في البند السادس الذي تضمن رفضا تاما لدعم تشكيل جماعات وميليشيات مسلحة خارجة عن نطاق مؤسسات الدولة. والملاحظ ان البند المذكور اتى مباشرة بعد الحديث عن لبنان في البند الخامس ، ما يعني ان لبنان مشمول به حكما ، ان لم يكن المعني به اولا . فهل حزب الله على استعداد لبحث الامر؟ وهل التغيرات الاقليمية الكبيرة والاساسية التي تحصل ستجعل حزب الله يعيد النظر في تحوله دولة ضمن الدولة؟ الجواب عن هذين السؤالين لا يزال مبكرا . فالدينامية التي انطلقت في الاقليم تحتاج الى وقت لتتبلور ، وخصوصا ان القضايا المطروحة معقدة ومتشابكة . لكن لا شك في ان هوية الرئيس الجديد في لبنان ستحدد الى حد بعيد اتجاه الامور . فانتخاب رئيس من فريق الممانعة ، يعني ان الامور لن تتغير ، ولو ببطء . اما انتخاب رئيس مستقل وسطي ، فيعني ان لبنان بدأ يخرج من النفق المظلم بعد سنوات طوال من العزلة والحصار ، ومن الابتعاد القسري عن محيطه العربي.
في العملي، المواقف الرئاسية على حالها لم تتغير. عضو تكتل الوفاء للمقاومة النائب ابراهيم الموسوي رأى ان رئيس تيار المردة النائب سيلمان فرنجية هو الشخصية المناسبة لرئاسة الجمهورية في هذه المرحلة، ملاحظا ان حظوظه ترتفع يوما بعد يوم. توازيا، الشيخ نعيم قاسم أكد ان حزب الله اختار الاسم الوطني المقاوم الذي يجمع وطنا ويعمل من اجل انقاذه ويتعاون مع الاخرين من اجل تنفيذ البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي المطلوب . الموقفان الصادران عن حزب الله يؤكدان ان الحوار الذي يدعو اليه الحزب هو من قبيل ذر الرماد في العيون، وان الحزب لا يريد الحوار الا للاتفاق على مرشحه للرئاسة. في المقابل، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب يواصل المرحلة الثانية من جولته على القيادات والمسؤولين. فبعد لقائه الرئيس نبيه بري قبل يومين، زار اليوم معراب حيث التقى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. اللقاء الذي سيتبع بلقاء ثالث، كما كشف بو صعب، هدفه مد التواصل بين القوى السياسة المختلفة. واللافت ان بو صعب اكد ان احدا لا يملك الحل السحري لجهة انتخاب رئيس جديد ، كما اعتبر ان البحث حاليا لم يصل الى مرحلة التداول بالأسماء، وبالتالي فهو لم يطرح اي اسم، لأن “يللي بدو يطلع الدرج لازم يطلعو درجة درجة” . الا يعني كلام بو صعب ان الدرج لا يزال طويلا للوصول الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟