اربعة ايام تفصلنا عن اليوم الانتخابي المنتظر منذ التاسع عشر من كانون الثاني الفائت . حتى الان كل المؤشرات تؤكد ان الجلسة ستـنعقد . صحيح ان فريق الممانعة منزعج ومصدوم مما آلت اليه الامور بالنسبة الى وضع مرشحه ، لكنه يتصرف على اساس ان ما كـتب قد كـتب ، وانه لم يعد يستطيع الغاء الجلسة بحجة او باخرى . وحده سليمان فرنجية يمكنه ان يرمي خشبة الانقاذ لفريقه غدا ، عبر اعلانه في ذكرى مجزرة اهدن ، انه غير معني بجلسة الانتخاب الاربعاء ، وبالتالي يصبح في امكان حلفائه الممانعين ان يصوتوا بورقة بيضاء . هكذا لا يخرج فرنجية من السباق الرئاسي نهائيا ، بل يخرج نفسه من جلسة واحدة محددة . في المقابل فانه يريح حلفاءه اللاهثين وراء زيادة “سكور” التصويت له لكن بلا نتيجة ، فيعودون الى هوايتهم المفضلة : التصويت بالورقة البيضاء !
حتى الان ، كل الارقام والبوانتاجات تشير الى ان فرنجية لم يتخط عتبة ال 45 صوتا ، فيما جهاد ازعور يزيده بعشرة اصوات على الاقل . و الاخير ينتظر في مطلع الاسبوع المقبل مواقف ستة نواب تغييرين ونواب بيروت المستقلين وتكتل الاعتدال الوطني ونواب الجنوب المستقلين والطاشناق . وفي حال التزم هؤلاء بما يقولونه ، اي انهم سيشاركون بالجلسة وسيصوتون ، فان “سكور” ازعور سيرتفع حتما ، ما يجعل رصيده يلامس ال 65 صوتا . ففي هذه الحالة ماذا سيفعل فريق الممانعة ؟ هل سيتخلى عن استكباره ، وعن ترداده اللازمة الشهيرة: اما مرشحي او لا انتخاب؟
حتى الان لا شيء يدل على ان حزب الله سيغير سياسته او طريقة تعاطيه مع الاستحقاق الرئاسي . فالحزب لا يزال يتصرف انطلاقا من شعوره بفائض القوة ، وكأنه صاحب الحل والربط والممسك الاوحد بالقرار في البلد ككل . وهو لا يزال يربط تطور العملية الانتخابية الديمقراطية بوجود مؤامرة عليه وعلى البلد .
عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق اعتبر ان الاصطفافات المستجدة في ملف الرئاسة اكدت الهواجس الوطنية الموجودة عند حزب الله وفضحت النوايا المبيتة ، واضاف: ” نقول للذين يحمسون والذين يتحمسون لا تخطئوا بالحسابات ولا تأخذكم الحماسة الزائدة الى مزيد من الرهانات الخاسرة”. فعن اي اصطفافات يتحدث قاووق؟ فاذا كان هناك من اصطفاف حقيقي في البلد ، فانه يتجلى عند حزب الله وحركة امل المصطفين دائما وابدا في خندق واحد ، ويحاولان جر الافرقاء الاخرين الى ملعبهما وخياراتهما . اما بالنسبة الى الفريق الاخر فانه لا يصطف على طريقة أنصر اخاك ظالما كان ام مظلوما ، بل يعقد تحالفات حينا وينسج تفاهمات وتقاطعات احيانا في سبيل تخليص البلد من ازماته، وهي في معظمها وليدة اصطفاف امل – حزب الله. ثم ، لماذا يتحدث قاووق عن نوايا مبيتة؟هل اصبحت كل انتخابات ديمقراطية في عرف حزب الله مؤامرة ؟ وهل صار كل من لا يخضع لقرارات حزب الله واملاءاته مجرد خائن ومتآمر؟ اليس هذا هو الفكر الاحادي الشمولي بعينه؟