من باريس الى طهران: المسألة اللبنانيّة تتنقل بين عواصمِ العالم. أمس كانت على جدول أعمالِ الرئيسِ الفرنسي “إيمانويل ماكرون” ووليِّ العهدِ السعوديّ محمد بن سلمان في باريس. واليوم حضرت في الإجتماع الذي جمع وزيرَ خارجيّةِ السعودية بكبار المسؤولين الإيرانيّين في طهران.
حتى الآن لا معلوماتٍ تفصيليّةً عمّا جرى في باريس بين ماكرون وبن سلمان. لكنَّ المعلوماتِ القليلة التي رشحت تؤكد أنَّ فرنسا، وبتأييد من السعودية، تُعدُّ العُدَّةَ لفتح صفحةٍ جديدة في تعاطيها مع الإستحقاق الرئاسي. فهي تخلت عن خيار سليمان فرنجية – نواف سلام بعدما ثبُت لها أنها غيرُ قادرةٍ على تسويقه لا مسيحيّاً ولا لبنانيّاً، ولا إقليميّاً ولا دولياً.
والأمر أشار إليه بكثير من الديبلوماسية، السفيرُ السعوديُّ السابق في لبنان علي عوض العسيري، الذي رأى في حديث لل “أم تي في” أنَّ الفرنسيّين بذلوا جهداً كبيراً في مبادرتهم الداعمةِ لفرنجية لكنهم اصطدموا بالإعتراضات من الجانب المسيحيّ. وسأل العسيري : لماذا يُعيد اللبنانيّون التجربةَ السيّئةَ لعهد عون؟ هذا الرأي المعبَّر عنه بلغة عقلانيةٍ موضوعية يكشف أنَّ المهتمّين بالشأن اللبنانيّ عربياً ودولياً صاروا في مكان آخر، وأن البحث تخطى معادلةَ فرنجية – سلام إلى البحث عن معادلة أخرى يمكن أن تُكتب لها فرصُ النجاح.
في الحراك المحلي الامور تراوح مكانها. فالرئيس نبيه بري لا يبدو انه في وارد الدعوة الى عقد جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية. وهو ما اشار اليه عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم، الذي قال ان رئيس مجلس النواب ينتظر نتائج الاتصالات الاقليمية والحراك الخارجي. وهذا يعني ان بري ومن وراءه يفضلون عدم عقد جلسة انتخابية جديدة حتى لا يكرروا مهزلة الانسحاب من مجلس النواب، تهربا من اجراء الدورة الثانية في ظل ارتفاع حظوظ مرشح المعارضة والتيار الوطني الحر.
في الاثناء، ملف النزوح يفرض نفسه يوما بعد يوم. اذ ثبت من خلال اجتماع بروكسيل ان المجتمع الدولي عموما والاتحاد الاروبي خصوصا لا يهتمان لا بالوضع الانساني للنازحين ولا بوضع البلدان المضيفة، بل ان همهما ينحصر في استخدام ورقة النازحين السوريين كورقة ضغط على النظام السوري.
في المقابل، فان النظام المذكور لا يبالي ولا يهتم بمواطنيه الموزعين على بلدان الجوار، بل يريد استخدامهم كورقة مقايضة لتحقيق مكاسب سياسية وديبلوماسية ومعنوية. من هنا فان الازمة مفتوحة، ولا حل لها الا من خلال رؤية استراتيجية لبنانية موحدة، لا يبدو انها موجودة. اذ كيف لبلد غارق في ازماته السياسية- الاقتصادية وعاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، ان يحل مشكلة وجودية تهدد امنه واستقراراه وسيادته كمسألة النازحين السوريين؟