الرغبة جامحة في أن ننقل الى اللبنانيين في الأيام الأولى من السنة أنباء ايجابية تؤشر الى بداية انكسار الدائرة السوداء التي سجنت فيها الدولة ومنعت من تشكيل حكومة، ولكن الأنباء الحلوة في هذا الشأن قليلة رغم النسمات الايجابية التي سعى الرئيس الحريري والوزير باسيل وحزب الله الى بثها لإشاعة جو من التفاؤل.
فبقراءة بسيطة لأدبيات الثلاثي غداة العطلة يستنتج بأن الكل على موقفه ولو لطف مفرداته، فالرئيس الحريري على موقفه من التشاوري السني ومن رفض توسيع الحكومة الى 32 وزيرا أو تشكيل حكومة تكنوقراط، والوزير جبران باسيل يتمسك بالاعراف الجديدة لتمثيل اي فريق في الحكومة ويصر على أن يصوت وزير التشاوري السني الى جانب كتلة رئيس الجمهورية، حزب الله يجدد دعمه كل ما يرضي سنة المعارضة، وسنة المعارضة على موقفهم الرافض مبدأ إعارة وزيرهم أو تأجيره أو تجيير صوته لأي أحد.
الصورة الأوضح ظهرت في عين التينة التي بدا سيدها وكأنه لم يقبض عيدية الأعياد على محمل الجد ولا راهن على ما يحصل من تحركات، فعاد الرئيس بري كما عند كل مفترق مفصلي الى المطالبة بالدولة المدنية وبلبنان دائرة انتخابية واحدة وبتطبيق كل مندرجات الطائف، أما في الاتي فدعا بري الى تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال وطالبها بعقد جلسات لاعداد موازنة الـ 2019 ومواكبة المجلس النيابي الذي يواصل عمله ويشرع تحت عنوان الضرورة.
ومن خارج السياق المتشائم يضع بعض المراقبين موقف الرئيس بري في خانة الضغط على طباخي التأليف لتجاوز العقد الشخصية تسهيلا لولادة الحكومة في أقرب المهل، كما يوحي متابعون للحركة المستعادة بعد العيد الى إمكان اعتماد هندسة باسيلية انقاذية يقبل بها الرئيس عون طبعا يضمنها حزب الله فيقنع بها التشاوري السني بحيث يكون الوزير المذكور مسجلا في الضاحية ملكيته للتشاوري على أن يعيره لرئيس الجمهورية على سبيل التملك، كل هذا والبلاد تستعد للإضراب المطلبي الكبير الجمعة ضد حكومة غائبة، أي ضد مجهول.