انها جهنم على الارض. هكذا وصف احد المراسلين الاجانب القصف الاسرائيلي على الجنوب اليوم. وهو قصف لم يتوقف طوال النهار تقريبا، وامتد الى البقاع والضاحية وحتى الى جرود جبيل وكسروان، ليحصد في النتيجة اكثر من مئتين واربعة وسبعين شهيدا وحوالى الف واربعة وعشرين جريحا، اضافة الى اغتيال علي كركي، الرجل الثالث في حزب الله. انه أعنف يوم منذ اعلان حزب الله حرب اسناد غزة، بل ومنذ انتهاء الحرب اللبنانية قبل اربعة وثلاثين عاما!
وقائع اليوم الدموي الطويل تؤكد تفوق اسرائيل عسكريا، بعدما تأكد تفوقها امنيا واستخباراتبا وتقنيا، كما تثبت سقوط نظرية توازن الردع في ظل عجز حزب الله عن حماية الجنوب والبقاع والضاحية وكشفه لبنان اكثر فاكثر امام العدوان الاسرائيلي.
الدليل الاكبر على ذلك الاف العائلات الجنوبية التي نزحت من قراها وبلداتها، ما جعل قسما لا بأس به من اللبنانيين بحكم النازح قسرا، وجعل الاوتستراد من الجنوب الى بيروت مرأبا كبيرا من السيارات، بعدما آثر الجنوبيون الهرب من جحيم النار الاسرائيلية في الجنوب الى مناطق لبنانية مختلفة. فكيف تحولت الحرب من طريق القدس الى طريق صيدا – بيروت؟
مقابل جهنم لبنان، ايران تعيش في جنة نيويورك. فالراعي الرسمي لحزب الله سياسيا وعسكريا واقتصاديا وماليا، نسي او تناسى اغتيال الصفعة المدوية التي وجهت له باغتيال اسماعيل هنية في قلب عاصمته طهران، وهو لا هم له اليوم الا عقد مفاوضات مع الولايات المتحدة الاميركية وصولا الى تسوية لملفه النووي ولاوضاعه الاقتصادية المتردية.
وزير الخارجية الايرانية اعلن من نيويورك استعداد بلاده لبدء محادثات نووية، فيما اكد الرئيس الايراني ان رسالة ايران هي رسالة الامن والسلام. فهل يقرأ حزب الله كل هذه المتغيرات، ويتوقف عن ان يكون وقودا في خدمة ايران ومشروعها التدميري القاتل، ويرفض تقديم لبنان واللبنانيين ذبيحة على مذبح المصالح الايرانية؟ البداية من آخر التطورات الميدانية.