هل تذكرون محمد البو عزيزي؟ لمن لا يتذكر هو شاب تونيسي اضرم النار في نفسه في السابع عشر من كانون الاول 2010 امام مقر ولاية سيدي بو زيد في تونس وذلك احتجاجا على صفع شرطية له وبمصادرة عربته التي كان يبيع عليها الفواكه والخضار.
تصرف البوب عزيزي اشعل نار الاحتجاجات في المدينة فامتدت الى بقية مناطق تونس ومنها الى بلدان عربية كثيرة بحيث تحول البو عزيزي عند كثيرين مطلق شرارة ثورات الربيع العربي ما حصل في تونس قبل ثمانية اعوام وشهرين تقريبا تكرر اليوم في لبنان، ففي الكورة احرق جورج زريق نفسه لانه اضحى عالجزا عن أخذ افادة لابنته بعدما تخلف طويلا عن تسديد الاقساط المدرسية المترتبة عليه.
ما حصل لن يحرك ثورة طبعا في لبنان، فنحن شعب مستكين لا نتحرك الا باوامر زعماء الطوائف وقبضيات العشائر وتحت ضغط العصبيات الطائفية والمذهبية والقبلية والعشائرية. اما القضايا الاجتماعية الحق فلا تحرك الا قلة ضئيلة لا تملك املا كبيرا في تغيير الواقع الاسود القائم والمرتكز على ثلاثة عناصر الاستغلال والزبائنية والفساد.
لكن ما حصل ينبغي ان يكون عبرة لنا جميعا والعبرة الاهم ان لبنان وللاسف اضحى منقسما عاموديا بين طبقتين الاغنياء والفقراء اما الطبقة الوسطى فتتحلل شيئا فشيئا حتى تكاد تنقرض وبين الطبقتين دولة مستقيلة من دورها واشباه حكام ومسؤولون يسكنون في قصور ومقرات مسورة ومحمية ومغلقة لا يعرفون معاناة الناس ولا يشعرون بها. انهم يعيشون في بروج عاجية يتلهون بصفقاتهم وسرقاتهم ومحاصصاتهم التي يطلقون عليها اصطلاحا تمسيات حقوق السلطة فيما الشعب يفقد شيئا فشيئا حقه في الحياة ويأن تحت وطأة العوز والفقر والذل وصولا الى الموت. انه الواقع المأساوي الذي نعيشه كل يوم بل كل ساعة. فهل تحرك جسد حورج زريق المحروقة شيئا من نبض الحياة والانتفاضة فينا ام ان الجثة المتفحمة على مدخل مدرسة هي رمز مؤسف عن انهيار مجتمع وتفحم ضمير وفشل دولة وحتى موت وطن؟