إنتهى شهر العسل الحكومي، ومعه انتهت فترة السماح، وما عاد اللبناني يقبل أن يتم التعاطي مع حاجاته، وهي كلها من النوع الطارئ والملح، وكأنما لا نزال في أزمة تشكيل الحكومة، فالوزراء اكتشفوا مكاتبهم وتعرفوا إلى مهامهم، والمطلوب منهم الآن الإنكباب على العمل.
والمفارقة أن الكل فوجئ بواقع أن الخزائن فارغة، وأن الموازنة غير متوازنة، تستنزفها رواتب القطاع العام وخدمة الدين، المهم أن يدرك المسؤولون قبل فوات الاوان، أن لا سبيل إلى الخروج من المأزق إلا عبر ثلاث خطوات متلازمة ومترابطة، إن تعثرت إحداها توقفت عجلة النهوض: محاربة حقيقية للفساد، خلق الأجواء والتشريعات المحفزة للاستثمار، والتماهي الكلي مع شروط “سيدر”.
لكن ما نلاحظه ويلاحظه العالم معنا أن محاربة الفساد تتأرجح بين مشروع خاص تختلط فيه الديموغوجيا بالشعوبية، وإعلانات لفظية تطلق من منابر المقرات الرسمية، لكنها لا تجد ترجمة عملية أو جدية لها على الأرض، وهذا يعني أن ثلاثية إطلاق عجلة النمو والنهوض ستبقى متوقفة إلى أجل غير مسمى.
في هذه الأجواء يصل وزير الخارجية الأميركي بومبيو إلى بيروت منتصف آذار، حاملا حقيبتين، الأولى تتضمن لائحة شروط يتعين على الدولة تنفيذها لإحكام الحصار على “حزب الله”، والثانية محشوة بكمية “هوبرة” على الدولة للانحناء أمام الرغبات النفطية والغازية لإسرائيل، ما سيتسبب بإرباك إضافي للدولة هي في غنى عنه.