IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الاحد في 12/05/2019

أيها اللبنانيون لقد رحل بطريرك الحرية والسيادة والإستقلال، لقد رحل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، هو الذي لم ينحن لغاصب ولا هادن محتل ولا تراجع عن حق، انحنت هامته المكللة بقدسية الإيمان والتواضع أمام الموت، لا خوفا بل قناعة بأن هذه اللحظة هي بوابة العبور إلى النور الإلهي، حيث مقعده المستحق عن يمين يسوع أياما بعد قيامته وصعوده، وقد أعارته السيدة العذراء سفينتها في الشهر المريمي.

 

لقد أخذ البطريرك معه قطعة من قلب كل لبناني سيادي مؤمن بنهائية لبنان، مؤمن بالعيش الواحد، مقتنع برسالة لبنان التنويرية بين الأمم، قطعة من قلب أم كل شهيد وكل معتقل، كيف لا وهل ننسى كيف حول البطريرك القديس بكركي زمن الإحتلال ملاذا لكل خائف وأذنا مصغية لكل محتاج. هل ننسى كيف تحولت عظاته الجريئة زمن الظلم إلى سيوف مسلولة في وجه كل ظالم، وإلى حكاية تذكر برمزيتها بأن ليس هو لبنان الذي صنعناه، انه لبنان المسطح المكسور الذي يسعون إلى استتباعه، فاعملوا بكل ما أوتيتم من أجل تحريره.

 

وهل ننسى كيف قال ذات اليوم لمن دعوه الى الإنضمام لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني في الشام، لن أذهب الى هناك الا ورعيتي معي وليس قبل أن تذهب الشام من لبنان؟.

 

وهل ننسى كيف حض تجمع قرنة شهوان على عدم التقوقع في قرنته وطائفته، وأن يمد جسور التلاقي مع كل تلاوين الطيف اللبناني، وإلا لن يحظى برعايته؟، وهل ننسى كيف جابه الإحتلال ورجاله، وأصر على جمع الجبل بقمتيه الدرزية والمارونية ليصور جبل لبنان العمود الفقري لقيامته وكيانه وإستقلاله؟.

 

سيدنا غبطة البطريرك القديس ترحل اليوم في عامك ال99 ولبنان الذي هو من جيلك، وقد ولد العام 1920، فلا أنت احتفلت بمئويتك الأولى، فيما هو يحتضر، والرعونة الداخلية والمخاطر الخارجية قد تحرمانه هو أيضا إطفاء شمعته المئة، ربما أنت كنت تعلم لذلك فضلت الإنكفاء والإبتعاد، وكأنك بقرار منك وبموافقة ربانية انسحبت من الحياة السياسية إلى كهنوتك، ومن ثم إلى عليائك.

 

نبكيك سيدنا لخسارتنا ناسوتك ولاهوتك، ولأننا سنفتقد وجهك المبتسم أبدا، نبكيك لأن لبنان سفينة تتلاطمها الأمواج، ربابنتها يقتتلون، نبكيك لأن لبنان الكبير مهدد في كيانه، نبكيك لأننا في غيابك سنفتقد قبلتنا، لكن ما يعزينا أنك ستلتحق بأسلافك العظام مرفوع الهامة، وقد أتممت رسالتك الكنسية والوطنية. وما يعزينا أيضا أنك ستصلي للبنان مع شربل ورفقا والحرديني والأخ اسطفان وبونا يعقوب، وستكون لقاءاتك بالبابا يوحنا بولس الثاني مكثفة، وسيكون لبنان دائما ثالثكما.