انطلاق البطريرك صفير الى عليائه محمولا على اشعة دعاءات اللبنانيين المخلصين وانقشاع بخور القداسة الذي هدأ النفوس كشفا للواقع السياسي الوطني المأزوم، فأعادت كل اللقطاعات التي ترى نفسها مستهدفة بالاقتطاعات التي تخضع لها موازنة 2019 الى الاضراب او الاعتكاف، والابرز من بينها الى جانب الاساتذة ومتقاعدي الجيش وبعض السلك القضائي وموظفو الادارات العامة الذين يضمون في صفوفهم الجمارك ولا تنتهي السلسلة هنا، اذ دعت هيئة التنسيق النقابية ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة الى اضراب شامل الاثنين.
الغاية من الضغط هي ايصال صوت قوي الى مجلس الوزراء الذي يبدو انه دخل مرحلة متقدمة في درس الموازنة، علما ان عقبات كثيرة لا تزال تعوق انجازها ونسبة التخفيض المحققة غير مرضية، ما يتطلب جلسات عدة ستمتد الى الاسبوع المقبل.
رغم الاشكالات الداخلية يشهد موضوع ترسيم الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل الذي حمله الموفد الاميركي دايفيد ساترفيلد حيز من الاهتمام الرسمي، وايجابية هذا الملف تنبع من ان الاجماع اللبناني على كيفية حله ادت الى تحول اساسي في التعاطي معه، لكن المشكلة العميقة والمكتومة تتمثل في صعوبة ترسيم الحدود البحرية بعد البرية مع سوريا، اذ تواجهها عقدتان كبيرتان انقسام اللبنانيين ورفض النظام السوري الساعي الى سلب لبنان جزءا من ثروته الغازية والنفطية.