إنها جمهورية اللامعقول، وفي جمهوريةاللامعقول يمكن توقع أي أمر، ويمكن حصول أي أمر. آخر ما حصل في جمهورية اللامعقول بين الأمس واليوم، ثلاثة أمور كبيرة وغريبة، الأمر الأول اعتبار السيد حسن نصرالله موقف الوفد اللبناني في مكة مرفوض ومدان، ولا يمثل لبنان بل يمثل فقط الأحزاب التي ينتمي اليها أفراد الوفد.
ما قاله نصرالله كبير وخطير، فإذا كان رئيس حكومة لبنان لا يمثل لبنان فمن يمثله إذن، وإذا كان رئيس حكومة مشكوك بشرعية تمثيله، فلما لا يدعو نصرالله وزراء “حزب الله” للاستقالة من حكومة لا يعترف بشرعية تمثيل رئيسها. والأخطر، إذا كانت الحكومة اللبنانية بشخص رئيسها لا يحق لها أن تتكلم باسم لبنان في المنتديات الأقليمية والدولية، فلمن يجير هذا الحق، هل ل”حزب الله” أم للدولة الراعية الداعمة والحاضنة له، والتي هي على خلافات جوهرية استراتيجية مع معظم الدول العربية وشعوب المنطقة؟.
الأمر الثاني المستغرب في جمهورية اللامعقول، التراشق السياسي الفضائحي على خلفية حكم قضائي صدر عن المحكمة العسكرية. اللافت في التراشق المذكور أنه يثبت مرة جديدة كم أن السياسيين والمسؤولين لا يؤمنون بالقضاء ولا بأحكامه ولا بآليات القانون، فبمعزل عن الإشكالية التي قد تكون أحاطت بالحكم الصادر، فإن المطلوب إبقاء القضاء بعيدا عن السياسة والتسييس منعا لضرب السلطة الثالثة.
يبقى الأمر الثالث، فمنذ شهر وأساتذة الجامعة اللبنانية يضربون والقضاة معتكفون والحكومة لا تسأل ولا تهتم. واليوم انضم إلى المعترضين الجيش اللبناني من خلال قائده، العماد جوزيف عون كشف بكل صراحة أنه لن يترك للجيش تحديد نفقاته، بحيث باتت أرقام موازنته مباحة ومستباحة، ما ينذر بانعكسات سلبية على المؤسسة العسكرية ويضرب هيكليتها.
إن ما قاله الصامت الأكبر، قائد الجيش، معبر وخطير جدا، وهو يتزامن مع ما تكشفه ال”mtv” من سلب للدولة تحت مسمى هيئة الإشراف على الإنتخابات، فبئس جمهورية تحرم جيشها ما يحتاجه، لتهدر أموال شعبها على محظيين ومنتفعين.