يشهد اللبنانيون بذهول تحول العدالة إلى سوق حرة مفتوحة، يختار فيها المستقوون على الدولة المحاكم التي تناسبهم ووسائل العقاب التي تناسبهم. وعلى ما يبدو فإن المحاكم العادية ما عادت تشبع غليل البعض، فبعد حادثة قبرشمون والاصرار على تحويلها إلى المجلس العدلي، وقبل أن ينجلي غبار المعركة الدائرة حولها، والتي من ارتداداتها توقف الحكومة عن العمل ومجلس الوزراء عن الاجتماع، شهد اللبنانيون فصلا جديدا من العدالة المباشرة مثل فيها نائب “حزب الله” نواف الموسوي دور الشريف في أفلام الغرب الأميركي، إذ اقتحم مخفر قوى الأمن الداخلي في الدامور على رأس كوكبة من عشرين مسلحا، لمعاقبة طليق ابنته، فأصابوه برصاصة في يده وتلقى طعنات خطرة استوجبت نقله إلى المستشفى، علما بأن المعتدى عليه موقوف ويخضع للتحقيق وليس فارا، وقد قام رجال قوى الأمن بواجبهم على أكمل وجه ومن دون تباطؤ، لكن على ما يبدو فإن النائب حاول اختصار المراحل والعدالة البطيئة، فحكم ونفذ، و”يا عدالة ما أصابك شر”.
توازيا، الدولة المعطلة منذ حادثة قبرشمون، لا تزال تتلمس طريقها لتحرير مجلس الوزراء الذي تنتظره استحقاقات كبرى بدءا من مطلع الأسبوع. فجلسات مناقشة الموازنة ستترافق مع اعتصامات للعكسريين المتقاعدين والأساتذة وكل المتضررين من الاقتطاعات والخائفين على المكتسبات. ولا تتوقف المشاكل عند هذا الحد إذ أن الجلسات ستنعقد قبل أن يجتمع مجلس الوزراء، أي من دون أن يتسلم المجلس النيابي قطوعات الحساب، ما سيجعل الموازنة برمتها عرضة للطعن.
أكثر من ذلك، إن بنود الموازنة لا تحظى كلها برضى المكونات الحكومية، بل يتم تعامل هؤلاء معها بالقطعة، ما سيظهرها ضعيفة وسيعرضها للنيران الصديقة والعدوة في آن.
في الانتظار، جولة جنوبية هادئة نسبيا للوزير باسيل الذي جال في أرض صديقة، وفي مناطق وقرى تم نزع الألغام السياسية منها على عجل، بفعل تفاهمات لعب فيها “حزب الله” واللواء عباس ابراهيم دورا رئيسا، وتحديدا على خط حركة “أمل”، ما جعل باسيل يحل أهلا ويطأ سهلا.
توازيا، عدد من رؤساء الحكومات السابقين في “بيت الوسط”، للمرة الثانية في أقل من أسبوع، لوضع اللمسات الأخيرة على زيارتهم إلى السعودية بالتنسيق مع الرئيس الحريري.