أربعة أشهر من المخاض العسير استغرق استيلاد الموازنة، اتسمت بالألم والخناقات والحرد والضرب تحت الزنانير، وصولا إلى جلسات المناقشة، التي حولت المجلس النيابي إلى حلبة مصارعة. هذه التراجيكوميديا ليست شيئا مقارنة بالآتي من الأيام، المتوقع أن تكون أدهى وأخطر إذ أنها ستشهد هبوط الموازنة بأرقامها من عالم النظريات والأوراق إلى عتمة الجيوب الخاوية. عندها نعرف وقعها على أرض الواقع فتكرم عندها أو نهان نحن.
والسؤال الكبير: هل تنجح الموازنة في التزام سقف العجز الذي حددته الحكومة؟، وهل ستؤدي باقتطاعاتها وخلوها من الاصلاحات والبنود المحفزة للاستثمار إلى النهوض بالاقتصاد؟. الجواب غير مطمئن، فالحكومة نفسها غير مقتنعة بها وتعتبرها موازنة الممكن.
سؤال كبير آخر: هل سيتخطى أهل الحكم خلافاتهم العميقة، ومن سيزيل المتاريس المناطقية والسياسية والرئاسية والاقليمية التي ارتفعت بين القيادات، وكلها عبوات ناسفة للموازنة والتوازن و للدولة بأركانها؟.