رغم صعوبة الأمر ، كان اللبناني يتقبل مرغما أنه لا يمكن للدولة أن تقلع من دون موازنة، لكن بعد إنجاز الموازنة بات من غير المعقول أن تبقى عجلة الدولة معطلة لسبب جانبي ، على أهمية هذا السبب وخطورته، عنينا حادثة البساتين.
الرئيس الحريري الذي حرص على أن تسلك القضية الدرب القضائي الصحيح ، بدأ وبعدما طال انتظاره، يجنح جديا الى تحرير مجلس الوزراء من اسر هذه الحادثة، وهو اعطى الوساطات المكثفة مهلة أربع وعشرين ساعة لإيجاد حل وسط ، فإن لم تنجح فهو سيصدر بحسب أوساطه قرارا يعيد بموجبه الحياة الى مجلس الوزراء، منطلقا من حتميين: الأولى، عدم جواز ربط مصير البلاد الاقتصادي والمالي والاجتماعي بمزاج أي كان، والثانية، ضرورة وضع مقررات سيدر موضع التنفيذ في اسرع المهل.
هذه الأجواء نقلها مدير البنك الدولي والسفير البريطاني الى النائب ابراهيم كنعان، فأثنيا على إنجاز الموازنة وعلى ما حققته من تخفيضات، وأوحيا بضرورة الاقلاع السريع عن الخلافات والبدء بتطبيق مندرجاتها بما يؤثِّر إيجابا على الوضع الاقتصادي، وعلى تقارير مؤسسات التصنيف الدولية التي سصدر تقاريرها حول لبنان قريبا.
في الانتظار تواصلت الزيارات المكوكية والوساطات على مثلث خلدة- بعبدا- السراي سعيا الى تخريجة مدمجة تترك امر تحديد الوجهة القانونية للبساتين للقضاء، وليس لمجلس الوزراء، الذي يرفض رئيسه إدخالها تحت سقفه منعا لإنهياره، علما بأن شعبة المعلومات رسمت الطريق الطبيعي الذي يتوجب على القضية سلوكه بتسليمها نتائج التحقيقات الى النائب العام التمييزي الذي أحالها الى القضاء العسكري، صاحب الاختصاص.
تزامنا، لا يزال خطب الاستغلال لغضب بعض الفلسطينيين من قرار وزير العمل، لا يزال يجد من يوقده تحريضا، و لغايات لا تخفى على أحد، علما بأن ابواب الحوار الهادىء مفتوحة من قبل الوزير ابو سليمان، وهذا ما تنصح به السلطة الشرعية الفلسطينية ابناءها، والتي ما انفكت تدعوهم الى الهدوء والى الابتعاد عن أن يكونوا عرضة للاستغلال من افرقاء داخليين وخارجيين معروفين.
في الأثناء حرب احتجاز الناقلات متواصلة بين ايران وبريطانيا وسط خشية دولية من أن يفلت الأمر من ضوابطه فيجر المنطقة الى حرب، إذ لم يعد يكفي أن تعبِّر طهران ولندن وواشنطن، ومن دون أفعال عملانية، عن عدم رغبة كل منها في الانزلاق الى حرب.