يقول المثل الشعبي المعروف: اشتدي ازمة تنفرجي. لكن أزمة البساتين تزداد اشتدادا يوما بعد يوم من دون اي انفراج في الافق المنظور. اليوم كان دور الحزب التقدمي -الاشتراكي، الذي قدم على لسان الوزير وائل ابو فاعور مطالعة سياسية – قضائية عن أزمة البساتين، بدءا من الاسباب التي ادت الى الحادثة وصولا الى تداعياتها السياسية والقانونية.
في الشكل يلاحظ ان الوزير أبو فاعور أعد كلمة مكتوبة، وهو أمر نادر عنده، لأنه يعمد في معظم الاحيان الى ارتجال كلماته. وقد يكون السبب ان وزير الصناعة أراد ان يوجه رسالة “مصنوعة” جيدا، اي محبوكة بميزان الجوهرجي لخطورة الموضوع. في المضمون ما قاله أبو فاعور قوي وقاس وخطير إن بحق الوزيرين جبران باسيل و الياس بو صعب وان بحق رئيس الجمهورية او حتى بحق القضاء ككل .
أبو فاعور وجه مضبطة اتهام تارة بشكل مباشر الى الوزيرين والقضاء اللبناني، وطورا بشكل اسئلة الى الرئيس عون. لكن في الحالين الرسالة وصلت، وتختصر بعنوانين: فتح النار على سيد العهد وابرز رجالاته، والتشكيك بنزاهة القضاء واستقلاليته، أما النتيجة فوضع مصداقية الولاية الرئاسية لعون على المحك، وصولا الى تهديد رئيس الجمهورية بمسار تعرف بدايته لكن لا تعرف نهايته.
الرد على الاشتراكي لم يتأخر، وجاء بعد الاجتماع الدوري لتكتل لبنان القوي. النائب ابراهيم كنعان دعا الى تفعيل الآليتين السياسية والقضائية عبر عودة الحكومة الى الانعقاد، وعبر الاحتكام الى القضاء. من جهته قال الوزير الياس بو صعب لل ام تي في ان ابو فاعور يكذب وانه اضعف من ان يهدد ولاية رئيس الجمهورية. توازيا اصدر مجلس القضاء الاعلى بيانا نفى فيه ما ورد على لسان الوزير أبو فاعور حول القضاء جملة وتفصيلا . فمن يصدق اللبنانيون: وزير الصناعة أم مجلس القضاء الاعلى؟ وفي الحالين اين هيبة الدولة وصدقيتها، وهل هكذا تدار المؤسسات؟ ثم: أين رئيس الحكومة من كل مما يحصل؟ لقد قيل إنه ذهب في اجازة ليومين لكن الاجازة طالت وصرنا في اليوم الخامس.. فهل هو معتكف ام انه يفضل الابتعاد في الوقت الحاضر؟ في المقابل: هل ماتت مبادرة الرئيس بري قبل ان تولد؟ وهل اوقف اللواء ابراهيم مساعيه التوفيقية؟ وفي النتيجة ما تأثير كل هذا المشهد المحزن على الوضع الاقتصادي الاجتماعي؟ وهل يحق لنا في الثالث والعشرين من آب ان نهاجم ستاندرد أند بورز اذا ما قررت خفض تصنيف لبنان مرة جديدة؟ اللهم نج لبنان من مسؤوليه.