بين رحيل المبعوث الفرنسي بيار دوكان ومجيء المبعوث الأميركي ديفيد شنكر، تتظهر صورة الواقع اللبناني في واجهتها المطلة على العالم أكثر فأكثر، وما بدا منها بوضوح حتى الساعة، أن لبنان موضوع في غرفة المراقبة المكثفة، منعا لسقوطه اقتصاديا وماليا، ومنعا لسقوطه الكلي في أحضان إيران.
وما يتضح أيضا، أن الغرب بقيادة فرنسا، يملك صورة واضحة وخريطة عقلانية لإخراج لبنان مما هو فيه، وهو ينتهج مسارا علميا يأخذ في الإعتبار تركيبة الدولة، وهو يقسمها إلى قسمين: الأول سياسي، لا يضغط من خلاله عليها بما يمزق هذه التركيبة، إذ يأخذ في الإعتبار عظمة تورم “حزب الله”. والقسم الثاني اقتصادي- إداري، وهنا بدا “دوكان” أكثر صرامة وقساوة، فطالب الدولة بلملمة شتاتها الإداري وتنقية نفسها من الفساد وإقفال أبواب الإهدار.
أما النموذج الأميركي في التعاطي مع الملف اللبناني، الذي يتولاه ديفيد شنكر الآن، فهو وإن بدا فجا في مقاربة المشاكل المتداخلة بين لبنان وإسرائيل، وبدا منحازا إلى تل أبيب، إلا أن واشنطن في العملي لا تريد هي الأخرى زعزعة الإستقرار اللبناني من خلال هز بنيته المالية- المصرفية، إضافة إلى دعمها المطلق لتعزيز قدرات الجيش اللبناني.
الترجمة العملية للسياسة الأميركية لاحظها الخبراء، إذ لم تمانع أو تعرقل وديعة المليار وأربعمة مليون دولار التي تلقاها مصرف الـ SGBL، والتي جاءت أشبه برد أو تعويض عاجل عما أحدثه تخفيض “ستاندرد أند بورز” تصنيف لبنان من سلبيات.
في الشق اللبناني المواكب للتحذيرات الدولية، وعود من الحكومة بالعمل على أخذ كل التدابير العملية الموصى بها دوليا، وهي ستقارب، الأسبوع الطالع، ملفات موازنة 2020 والكهرباء والتعيينات القضائية والمفاوضات الحدودية مع اسرائيل.
في الأثناء، انشغلت البلاد: حلفاء سمير جعجع وخصومه والمحايدون، انشغلوا بتأجيل رئيس حزب “القوات” زيارته المقررة إلى الجبل، وازدهرت السيناريوهات وتعددت حول حقيقة الدوافع التي حدت به إلى التأجيل، الأمر الذي كاد يحجب لقاء “حزب الله”- “الاشتراكي” في رعاية الرئيس بري، وزيارة النائب تيمور جنبلاط الوزير جبران باسيل في اللقلوق.
ولوضع حد للتأويلات والسيناريوهات، شرح الدكتور جعجع للـ “ام تي في” حقيقة ما جرى، وأوضح نظرة “القوات” إلى الملفات المالية والاقتصادية والاصلاحية كافةالمطروحة، والأصدقاء والخصوم.