انه جحيم حقيقي عاشه ويعيشه اللبنانيون. كأن الحرائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لم تكفهم، فحاصرتهم الحرائق الطبيعية في مئة واربعين موضعا لتستكمل هدم وقضم ما تبقى لهم .
لا، ما شهدناه اليوم ليس عاديا و لا طبيعيا، ولم يسبق ان شهدنا مثله في يوم من الايام.
فمن رصد الخريطة اللبنانية من الفجر الى الان اكتشف كيف ان اجزاء كثيرة وكبيرة من ال 10452كلم 2 تحولت كرة نار متدحرجة، أكلت الاخضر واليابس، كما التهمت تعب الناس وما تبقى من نقاء البيئة وجمال الطبيعة. من أقاصي الشمال الى الشوف مرورا بكسروان والمتن وعاليه ارتفعت السنة النار الحمراء ، تاركة اينما حلت بصماتها السوداء. باختصار انه ثلاثاء اسود في تاريخ الوطن، ويحمل عنوانا واحدا وحيدا: لبنان يحترق.
لكن أبعد من الكارثة الطبيعية أسئلة كثيرة تطرح. فهل يمكن ان نصدق ان كل الحرائق المنتشرة هي فقط نتيجة الحر والرياح الخمسينية؟ وهل يمكن ان نصدق ان الطبيعة لوحدها مسؤولة عن الخسائر غير المحدودة التي لحقت بلبنان وباللبنانيين؟ ثم هناك اسئلة أخطر. صحيح ان “ابطال” الجيش والاطفاء والدفاع المدني والبلديات بذلوا اكثر ما في وسعهم لاطفاء الحرائق وواجهوا النيران بشجاعتهم قبل اجسادهم، لكن على الصعيد الرسمي بدا التقصير الفادح والفاضح.
فمن المسؤول عنه؟ ومن المسؤول عن سقوط سليم أبو مجاهد في بتاتر؟ ومن المسؤول عن عدم امتلاك لبنان اي خطة متكاملة او غير متكاملة حتى لادارة الكوارث؟ للأسف ما حصل اليوم اثبت مرة جديدة ان الحكومة شبه حكومة، وان الدولة شبه دولة، وان المسؤولين شبه مسؤولين. وتسألون بعد: لماذا يفضل الناس الهجرة؟ اليس افضل للبناني ان يعيش في بلاد الله الواسعة من ان يموت في بلاده” اما حريق او غريق او مبهدل على الطريق”؟