انها بروفة مصغرة عن 7 ايار2008. فقبل أحد عشر عاما أنزل حزب الله أصحاب القمصان السود واجتاح العاصمة بيروت ومناطق لبنانية اخرى كثيرة، بهدف اسقاط الحكومة الشرعية الدستورية التي كانت قائمة آنذاك. واليوم نزل حزب الله مجددا بقمصانه السود الى ساحة رياض الصلح بهدف إسقاط الحراك الشعبي المدني، بل بهدف وضع شارع في مواجهة شارع. لكن ما تحقق قبل احد عشر عاما لم يتحقق اليوم. فالمتظاهرون السلميون لم يخافوا ولم يتراجعوا، بل واجهوا بصدورهم العارية أصحاب القمصان السود، الذين اتوا على دراجاتهم النارية في موكب متكامل متماسك لتفريق المتظاهرين، وبث الفوضى، وحتى لممارسة بعض أنواع الترهيب. الحجة الشكلية التي استندوا اليها: عدم ادراج اسم السيد حسن نصر الله مع بقية الزعماء، وبالتالي عدم جعله جزءا من عبارة “كلن يعني كلن”.
انها الديمقراطية على الطريقة الحزب الهية، حيث على الجميع، من مناصرين وغير مناصرين، من مؤيدين وغير مؤيدين، ان يسكتوا وان ينصاعوا وان يتقبلوا كل ما يريد حزب الله فرضه على لبنان وعلى اللبنانيين. ولم يكتف اصحاب القمصان السود بهذا، بل مارسوا فائض القوة، الذي يتمتع به حزبهم، حتى على الاعلام، وتحديدا على زميلتنا نوال بري، التي كانت تغطي تحركاتهم. فهل بالاعتداء على الاعلام والاعلاميين والاعلاميات تتحقق أهداف المقاومة؟ وهل ضيع حزب الله البوصلة مرة جديدة بحيث بات يعتقد ان تحرير مزارع شبعا وكفرشوبا يمر حتما بساحة رياض الصلح؟
التحرك الميداني لحزب الله واكبته كلمة على درجة كبيرة من الاهمية وجهها السيد حسن نصر الله الى اللبنانيين، وهي تشكل في المبدأ تتمة لخطابه السبت الفائت. نصر الله لوح وحذر من الفراغ والانهيار وانقسام الجيش و الحرب الاهلية، موجها رسائل مبطنة في اتجاهات عدة، وخصوصاً الى بعض الاحزاب المشاركة في الانتفاضة، كما قال، وحتى الى قائد الجيش. فالى أين يتجه الوضع بعد هذا كله؟ الكلمة حتى الآن للميدان، لأن المعالجات السياسية لا تزال قاصرة عن مواكبة التطورات الميدانية. فهل يستيقظ المسؤولون قبل فوات الأوان ويقومون بمبادرات شجاعة قبل ان ينهار الهيكل على رؤوس الجميع؟