وفي اليوم الثاني والعشرين على الثورة لا تزال طرقات لبنان وساحاته تصطبغ بألوان المراويل والأزياء المدرسية والعلم اللبناني. طلاب لبنان، مستقبله، يفاجئون أهاليهم ومسؤوليهم في المؤسسات التربوية والرسمية، بكم الوعي الوطني الهادر العابر للحواجز والطوائف والقبائل، ولسان حالهم واحد: نريد لبنان عزيزا سيدا علمانيا مدنيا ” ويقتبسون من جبران، خليل جبران طبعا، أن الحياة لا تقيم في سجون الطوائف وجحور الأنظمة البائدة.
والأهم في التسونامي، أن لا أحد يحركه، لا طائفة ولا حزبا ولا رجلا شريرا يقيم في قبو تحت البحر أو فوق تلة يغلفها الضباب. والأهم أكثر، أن هذه التحركات التي يستخف بها أهل السلطة والتسلط، قد دفعتهم مرغمين الى تحريك القضايا والملفات القضائية النائمة، وإن بخجل وتردد وانتقائية. وقد شكل استيقاظ أهل الكهف على المحاسبة، ادانة لهم، توازي بقساوتها إدانة المرتكبين الفعليين والمفترضين، لأنهم كانوا يعرفون المرتكبين ويغضون الطرف عنهم. حتى أن القول المأثور، خير أن تأتي متأخرا من الا تأتي أبدا، ينطبق على كل أمر، إلا في العدالة، لأن العدالة المتأخرة اسوأ من الظلم.
في هذه الأجواء الضاغطة شعبيا من أجل فرض التغيير المنشود بدءا بتأليف حكومة اختصاصيين محايدة، تحرك الرئيس سعد الحريري في اتجاه بعبدا حيث التقى الرئيس ميشال عون، لكن الناس الذين لم يتوقـعوا ان يرجع من القصر الجمهوري مع موعد رسمي للاستشارات كانوا على حق، إذ اقتصر اللقاء على التداول في ظروف تشكيل الحكومة وبالوضع الاقتصادي المتداعي في البلاد.
في السياق، لم يعد خافيا على أحد أن العقبات الحائلة دون التشكيل هي من صنع حزب الله الذي لا يكتفي بالسعي الى فرض حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط تابعين ، بل يضغط على الرئيس الحريري معارضا رغبته في عدم ترؤس الحكومة المقبلة.
والمعلومات تشير الى أن حزب الله قد يوفد الحاج حسين الخليل الى بيت الوسط الليلة ليؤكد مباشرة للحريري الفتوى بحتمية بقائه على رأس الحكومة التي يريدهاالحزب.
الكباش السوريالي العدمي المنفصل عن الواقع ، لا يعير أي اهمية للوضع الاقتصادي-المالي الكارثي، و لا يأبه بالانهيار السريع الآتي، و لا بقرب توقف المصارف عن تسليم الناس أموالهم وودائعهم، ولا بالتوقف الكامل قريبا عن استيراد الأساسي من المواد في بلد يستورد أكثر من تسعين بالمئة من احتياجاته.. خافوا الله./