بعد الامثولة التي تلقاها مروجو الفتنة أمس أطفئت محركات “موتوسيكلات” الفتنة والشتيمة، كذلك منح الثوار السلطة فسحة تهدئة فخففوا من وجودهم الضاغط والكثيف في الشوارع والساحات. لكن السلطة لم تتلقف المبادرة، ولا يزال الناس يسمعون اسطوانة التسويف والمماطلة نفسها وقد اضيفت اليها معزوفة النصائح الخشبية للإنقاذ يطلقها فريق سلطوي في معرض هجاء فريق سلطوي آخر. إلا أن ساعات المساء حملت بعض المعطيات الإيجابية التي تقول بإن سمير الخطيب لم يستبعد من المعادلة كليا وأن حظوظه عادت الى الانتعاش بعد تبدل رأي حزب الله. والعقبة الباقية أمام تكليفه تكمن في تبدل مماثل مطلوب من الرئيس الحريري. والخوف أن يكون وراء التبدل محاولة من الحزب والعهد لتحميل مسؤولية التعطيل للحريري وحده بعد تسريب رضى حزب الله عن الخطيب. تزامنا، الثوار في الشارع ، لا ييأسون ولا يتعبون من المطالبة بحكومة جديدة مكونة من اختصاصيين محايدين. وسط الجمود القاتل، الانهيار الاقتصادي يتسارع وقد بدأت مظاهره المخيفة تتجلى في الشلل شبه الكامل الذي ضرب البلاد وقد تعزز بإضراب محطات الوقود على مساحة الوطن .
وإذا امتنع من في الداخل عن مشاهدة الأزمة الزاحفة بأبعادها الثلاثية، فإن العرب بعد الغرب استشعروا من باب الخجل ورفعا للعتب واجبا أخويا بأن يعودوا لبنان على فراش المرض، فجاء الأمين العام المساعد للجامعة العربية ليسمع من اركان الدولة ما جعله يصرح جهارا بأن أحدا لا يمكنه مساعدة لبنان ما لم يرغب هو بذلك، والطريق الى العلاج معروفة لكن دونها جبال من العناد والكيدية. وهذا كان موقف ممثل الأمم المتحدة يان كوبتش الذي صار من زوار القصر الدائمين ، وهو لا ينفك يكرر بأن المجتمع الدولي ودول سيدر جاهزون للمساعدة بشرط الاستماع الى مطالب الشعب المنتفض و تشكيل الحكومة، وبالمواصفات التي يريدها.
في الأثناء، لوضعان المالي والاقتصادي يترنحان، فإلى جانب ندرة الدولار وارتفاع سعر صرفه وتقاذف الناس بين المصارف والصرافين، جاء اليوم إضراب اصحاب محطات المحروقات بالتكافل مع مستوردي المادة ليضع البلاد في شلل شبه كلي. وسعيا منه الى معالجة الواقع المأسوي دعا رئيس الجمهورية الى اجتماع مالي اقتصادي في بعبدا، والجميع يعلم أن العلاج الأولي لوقف النزيف هو تشكيل الحكومة، و أن أي دواء آخر لن يكون مجديا خصوصا أن الاجتماع ليس الأول، وزمن المراهم ولى وهو الذي تسبب بالكارثة التي نحن فيها .