ساعات طويلة مشدودة ومتثاقلة ومصيرية، تفصلنا عن قبل ظهر الإثنين، الموعد المفترض لإجراء الإستشارات الملزمة لاختيار رئيس مكلف لتشكيل الحكومة العتيدة. مشدودة ومتوترة لأن الطباخين التقليديين للحكومات، الذين خبروا ألاعيب وتكتيكات بعضهم البعض، فوجئوا ومن حيث لا يتوقعون، بالرئيس سعد الحريري يستخدم الأسلحة التي طالما استخدموها للايقاع به لجره إلى ملاعبهم وأمام جمهورهم. فالرئيس الحريري الجديد، تعاون على تحقيق حوائجه وأهدافه بالكتمان والضبابية، حتى وإن لم يملك بالضرورة تكتيكا أو استراتيجية محددة، للخروج من الحكومة منتصرا أو للعودة إليها بشروطه.
التكتم إذا، مدعوما باصرار نادر وغير معهود، أحبط أساليب الثلاثي المهيمن: الثنائي الشيعي، و”التيار الحر”، والحلفاء، ما صعب على فريق العهد اعتماد خطة واضحة للمواجهة، انعكس ضياعا على متتبعي الطبخة الحكومية، الذين وجدوا أنفسهم أمام أكثر من خمسة أو ستة سيناريوهات متضاربة ليوم الاستشارات، ليس أقلها واقعية تأجيلها، انقاذا لماء معظم الوجوه السياسية المعنية.
وإذا رسمنا خريطة بسيطة لواقع المرشحين الأبرز لتولي التكليف، وللقوى السياسية المعنية بالطبخة، فإننا نجد أن الرئيس الحريري هو الأقوى، لأنه مدعوم بوضوح من ثلاثي سني قوي، الناس والسياسيين ورجال الدين، فيما يفتقر سمير الخطيب لهذه الورقة، بحيث أنه إن اختير للموقع، فإنه سيكون رئيس حكومة بعض الطوائف من دون طائفته.
إضافة إلى ذلك، لقد كشف الرئيس الحريري “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، إذ حول الأكثرية النيابية التي يملكانها إلى أكثرية عددية فاقدة للميثاقية والمشروعية، وهذا تجلى بالمواقف المترددة للثنائي.
في السياق، موقف مماثل لكتلة “المستقبل”، حيث أعلن عدد من نوابها رفضهم تسمية الخطيب، إضافة إلى غضب ينتاب الكتلة بأكملها، بعد وضعها في رأس جدول الاستشارات صباح الاثنين، لإحراجها لمعرفة من ستسمي.
في أي حال، المعركة حامية بين أهل السلطة، لكن الكلمة الفصل هي للثوار الذين أوصلوا الرسائل طيلة خمسين يوما، وسيوصلون الأحد والاثنين الرسائل الأقوى، فإما أن تشكل الحكومة التي يريدون، أو أن الفوضى ستستمر.
وفي توقيت ملتبس ودقيق، تنعقد المجموعة الدولية لدعم لبنان الأربعاء في باريس، في وقت يقع لبنان بين زمنين: حكومة راحلة غير مسؤولة، ورئيس مكلف لا يملك عدة الشغل، وموقف المجموعة واضح: نحن لا نشترط اسما محددا لترؤس الحكومة، لكن على الحكومة المقبلة، رئيسا ووزراء، أن تلبي طموحات اللبنانيين المنتفضين.