لكل فريق من قوى السلطة حساباته ورؤيته الخاصة إلى الحكومة العتيدة. رئيس الحكومة المكلف مصر على تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، لأن هذا الأمر يخلصه من الاحراج تجاه قوى الانتفاضة، ويعطيه نوعا من الصدقية على صعيد الرأي العام اللبناني، ويعزز وضعه في المحافل الاقليمية والدولية. علما أن كل ما تقدم لن يعطيه مشروعية على صعيد الشارع السني.
في المقابل الثنائي الشيعي يريد إما حكومة سياسية أو حكومة تكنو-سياسية. وهو ما عبر عنه بوضوح رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث أعلن أنه من الأفضل أن تكون الحكومة جامعة لكل المكونات ومن كل الالوان السياسية. وتساءل بنوع من السخرية: عندما يحكى عن مستقلين من أين سيؤتى بهم؟. موقف بري غير الملتبس، يؤكد مرة جديدة أن تأليف الحكومة في عنق الزجاجة. فماذا سيفعل رئيس الجمهورية وفريقه لحل الاختلاف في النظرة حول الحكومة الجديدة بين الرئيس المكلف والثنائي الشيعي؟، وهل الاختلاف يمكن أن يؤدي إلى خلاف، أي هل يمكن أن يصل بحسان دياب إلى حد الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة؟.
في هذا الوقت، دياب لا يزال يحاول تدوير الزوايا، واجتراح حلول للاشكالية المعقدة. وقد تردد أنه يسعى إلى تسويق فكرة وسطية ترتكز على أن يتم اختيار الوزراء وفق أحد المعيارين الآتيين: فإما أن يكونوا حزبيين غير نافرين، أو أن يكونوا مقربين بشكل أو بآخر من الأحزاب التي ستشكل الحكومة. كما تردد أن دياب لا يريد للحكومة الجديدة أن تضم وزراء من الحكومة السابقة، وهو أمر قد لا يوافقه عليه أطراف السلطة.
على أي حال، حركة دياب لن تسير على ما يبدو وفق ايقاع عطلة نهاية الأسبوع وعيد رأس السنة. إذ أوردت معلومات صحافية انه سيزور في الأيام المقبلة الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل والخليلين، إضافة إلى قوى سياسية أخرى، وذلك في محاولة لإحداث خرق في الجدار المسدود. فهل يوفق في مسعاه، فتكون الحكومة “عيدية” اللبنانيين في رأس السنة الجديدة؟، الأمر ليس سهلا، وخصوصا أن التحركات الشعبية ذات الطابع السني تقوى يوما بعد يوم أمام منزل دياب، وهو ما حصل اليوم وسيتجدد غدا. وثمة دعوات إلى جعل الطريق أمام منزله ساحة من ساحات الثورة. فهل يسقط دياب بفعل التحركات الشعبية، قبل أن تسقطه التعقيدات السياسية؟.