بلا أسف ودع اللبنانيون العام 2019. وبأمل غير مؤكد وغير مرتكز على معطيات ووقائع، استقبلوا العام 2020. فهم يدركون أن ما ينتظرهم في العام الطالع قد لا يقل سوءا عما حصل في العام السابق. لكن لسان حالهم يردد: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
وفسحة الأمل لديهم، تتجلى حاليا في انتفاضة شعبية، أثبتت أنها قادرة على فرض أمور على السلطة، لم يكن أحد يحلم بأنه يمكن فرضها على أرباب المحاصصات والصفقات والسرقات. وآخر ما تحقق في نهاية العام، عودة القطاع الخلوي إلى الدولة. أي أن مال الشعب صار يمكن أن يعود إلى الشعب، عبر مناقصات يؤمل في أن تكون شفافة ونزيهة. والواضح أنه لولا الضغط الشعبي، فإن أرباب السلطة كانوا يفضلون تمديد عقد الخلوي مع الشركتين المشغلتين. لكن صوت الشعب كان أقوى، ومنع استمرار التشبيح على عينك يا مواطن.
والأمل أن يتكرس ما بدأ في العام 2019، مع الانتفاضة الشعبية. إذ حان الوقت ليعيش اللبنانيون في دولة حقيقية، وخصوصا أنهم في هذه السنة يحتفلون بمرور مئة عام على ولادة دولة لبنان الكبير. فاذا لم يبدأ ببناء هذه الدولة بعد مرور المئوية الأولى، فعبثا يتعب البناؤون!
في المقلب الحكومي: عملية التأليف هبة باردة وهبة ساخنة. فثمة فريق يعتبر أن التشكيلة الحكومية أصبحت جاهزة، وأنها تنتظر بعض الرتوش القليلة لتنجز نهائيا، وليصعد الرئيس المكلف حسان دياب إلى بعبدا، حيث تصدر مراسيم التأليف. ويستند المتفائلون إلى أن التشكيلة كادت تعلن الاثنين، مع الحديث آنذاك عن زيارة محتملة للرئيس المكلف إلى بعبدا. لكن عقبات اللحظات الأخيرة هي التي أخرت انجاز التأليف.
في المقابل، ثمة فريق يؤكد أن دياب لن يتمكن من تشكيل حكومة، وأن التفاؤل الموزع عبر بعض المصادر، هو تفاؤل مصطنع ومبرمج، ولا يعبر بتاتا عن الحقيقة والواقع.
أي فريق هو على حق؟. الأيام المقبلة لديها الجواب اليقين. لكن مهما كان الجواب فالثابت أن رحلة الحكومة، في حال شكلت لن تكون مزروعة بالورود. فهي تشكل وفق معايير ومنطق ما قبل انتفاضة 17 تشرين الأول، وهو أمر يثير نقمة قوى الانتفاضة، التي دعت إلى تحركات غدا الخميس. كما أن الحكومة ستلقى معارضة شرسة من أحزاب وقوى سياسية كثيرة، إضافة إلى مرجعيات روحية ومذهبية، ما يزيد من الضغط عليها. كذلك يرجح أن الحكومة العتيدة لن تلقى تأييد المجتمع الدولي ودعمه لمواجهة الأزمة الاقتصادية الصعبة التي نعيشها.
ففي ظل كل هذه المعطيات، هل سنكون أمام حكومة انقاذ للبلد، أم أمام حكومة عاجزة حتى عن إنقاذ نفسها؟.