السيناريوهات الغريبة والمتناقضة تطبع مسار تأليف الحكومة: غريبة لأن الوسيلة المتبعة في التأليف بعيدة عن الأعراف وعن الدور الذي يمنحه الدستور لرئيس الحكومة في هذا المجال. ومتناقضة، لأن التعارض كبير بين من يفترض أنهم شركاء في تكليف حسان دياب، ورفاق له في رحلة حكم البلاد إن قدر لهذه الحكومة أن ترى النور.
التناقض الأكبر والفاضح هو في أن كل ما يتسرب من مطابخ الشركاء يشير بوضوح الى ان الحكومة لن تشبه بشيء تلك التي يطالب بها الناس، الذين بحت حناجرهم وهم ينادون باختصصاصيين مستقلين.
لكن المحبط المهين هو أن يكتشف اللبنانيون أن هذه الفئة مستبعدة بل منفية نهائيا من حسابات أهل السلطة وهندساتهم الحكومية. والأفدح، هو أن يخرج إعلام السلطة على الناس المنتشرين في الساحات منذ ثمانية وسبعين يوما ليقول لهم : أبشروا، في أقرب وقت، سنفرض عليكم حكومة ترضينا وتحمي مصالحنا وشهواتنا السلطوية. إن عطلتموها تتسببون بسقوط البلاد في أزمة مالية واقتصادية محققة
الألاعيب المكشوفة، استبقها المنتفضون بالبيانات الشاجبة ونزلوا الى الشوارع وأقفلوا بعض المرافق العامة تحذيرا للسلطة من مغبة عدم الاستماع للمطالب والأخذ بها. لكن في المقابل ، وكما أسلفنا، فإن بعض أهل السلطة تجاوز حال الإنكار ودخل مرحلة الانفصال الكلي عن الواقع. وحده الرئيس المكلف يبدو أنه يلتقط موجة الناس، وقد علمت الإم تي في أنه لم يتراجع، وهو يصر على تأليف حكومة اختصاصيين صافية، وقد كذبت المعلومات، التي استقيناها، كل الصيغ الموزعة ونفت نفيا قاطعا ما يشاع عن حرق بعض الأسماء واستبعادها من جنة التوزير وتعويم أخرى وأكدت أن الحكومة، إما تكون حكومة اختصاصيين أو لن تكون، وهذا يدفع الى السؤال : كيف تحصل حكومة من هذا الصنف على الثقة، وهل يتكل دياب على الذين لم يسموه للتكليف ؟. في اي حال، هذه المعطيات تضع أهل السلطة الشركاء في الطبخة الحكومية أمام المسؤولية التاريخية عن إضاعة كل دقيقة تؤخر ولادة الحكومة وليس الشعب المنتفض، فيما البلاد مستنزفة حتى آخر قطرة من طاقاتها وطاقات ابنائها.
توازيا، قضية كارلوس غصن تتفاعل، فإذ بدت العلاقات اللبنانية-اليابانية جانحة الى تدهور، بدا التناغم اللبناني- الفرنسي واضحا في كيفية التعاطي البارد لبيروت وباريس مع مطالب طوكيو لاسترجاع غصن.