Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”MTV” المسائية ليوم الأحد في 12/01/2020

هذا لا يؤلف وذاك لا يصرف. الاثنان، أي الرئيس الحريري والرئيس حسان دياب، باتا فعليا في مرمى مدافع الرئيس ميشال عون. الأول يعالجه عون بقذائف سياسية بصاعق دستوري، والثاني بدأ يتعرض لقذائف معنوية سياسية، وقد بدأت دوائر القصر اللصيقة بعون تستعد لتخريجة معززة بفذلكة دستورية، تقول إن الرئيس دياب لم يرتق بعمله إلى مستوى التأليف، ما يمنح رئيس الجمهورية الحق بتجريده تفويض التكليف.

ويستند دستوريو القصر في تعليلهم القرار، إلى أن البلاد دخلت مرحلة الانهيار الشامل، والناس باتوا على عتبة المجاعة، ما يعطي قرار الرئيس صفة مصلحة الدولة العليا أو الـ raison detat، والسؤال، هل يستبق دياب هذه الحركة باعلانه الاستقالة من التكليف، أم سيظل متمسكا به كما أعلن أمس؟، وبالتالي هل ينجح الرئيس عون في تبرئة نفسه وفريقه من أي مسؤولية عن عرقلة التأليف؟، وهل من رابط بين تصلبه المتوقع والمعلومات التي نقلت عن “التيار” بأنه سيكون له موقف هام يتعلق بالحكومة الثلثاء؟.

كل هذا يشي بأن الامور لم تنحدر إلى النقطة الصفر فقط، بل انزلقت إلى ما دون ذلك بكثير. كما تدلل إلى أن المعركة انحرفت كليا عن واقع التأليف النظري، إلى مرحلة الصراع الفعلي بين أهل السلطة أنفسهم، وقد انتقلوا من الخلاف على الصغائر ودخلوا مرحلة الاقتتال على الكبائر.

والأسوأ، أن أهل الحكم ما عادوا يمارسون أنانياتهم على أرض ثابتة، بعدما أغرقوا الدولة في معمعة الأزمات، بل يمارسونها على صفيح وطني ملتهب، وأوصال الدولة تفككت كليا بل تحللت. ولا ننسى أبدا أن أهل الحكم لم يعملوا، رغم ثلاثة أشهر من الانتفاضة، على ما يرضي الناس ولو بقرار واحد، وتحديدا في مسألة تأليف الحكومة، والكل يعرف أنهم يؤلفون حكومتهم وليس حكومة الناس، ولما اختلفوا إنما قاموا بذلك بفعل جشعهم في اقتسام المغانم والحقائب، وليس لتعارض بين برامجهم حول كيفية انقاذ الدولة مما هي فيه.

توازيا، البلاد تتقلب على نار الفوضى الشاملة، والمنتفضون عادوا إلى الساحات ويعدون بالمزيد، وقد وضعتهم وقاحة المتحكمين أمام خيار واحد أحد عنوانه: “لم يعد لدينا ما نخسره”، وهذا يمنحهم شرعية الانتقال إلى أنواع جديدة وخطرة من التعبير عن الغضب، و النماذج التي رأيناها في الأيام الأخيرة أقلقت الجميع في لبنان والعالم إلا أهل السلطة.

وتكبر المسؤولية الجرمية عن إهمال مطالب الناس، ليس لتدهور الوضع المالي إلى درجات خطرة جدا فقط، بل لأن ما يجري في الإقليم، وتحديدا على خط الكباش الأميركي- الإيراني، قد يفضي إلى كارثة من ثلاث: اتفاق براغماتي بين الدولتين، توتر طويل الأجل، أم حرب مدمرة. وفي أي من هذه الحالات سيدفع لبنان الثمن.

حمانا الله من رعونة القيمين على أمورنا، وعجل الفرج.