IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـmtv المسائية ليوم الاربعاء في 29/01/2020

صفقة القرن لتصفية الحق الفلسطيني ، ليست الإبداع الأول لدونالد ترامب ولن تكون الأخيرة، لكنها حكما وبلا منازع، أوقح ما ارتكب في حق العدالة الإنسانية والهيبة الأممية في المئة عام الأخيرة، ولا يتحدثن أحد عن محرقة اليهود على سبيل المقارنة، لأن تصفية ملايين الناس أمر مدان، لكن تصفية شعب على قارعة القرن الحادي والعشرين وإهداء ارضه فامر فظيع.

الأخطر في الأسباب الموجبة التي دفعت ترامب الى هذه الطحشة أنه أراد أصوات اليهود الأميركيين لتجديد ولايته الرئاسية. نعم بهذه الوقاحة أطلق على مشروعه اسم الصفقة، والصفقة تشمل كل أنواع التجارة لكنها لا تشمل البشر، والأحقر أنه لو كانت فلسطين ولاية أميركية لما حق له التصرف بها بهذه الخفة، وفي فعلته دلالة فاقعة على ازدراء الرجل بكل القيم.

قد يقول البعض، وعن حق، إن النوايا التآمرية ليست وليدة البارحة، و قد يتراءى للعالم أن خريطة الصهر هي المفاجأة، لكن في الحقيقة الخريطة قديمة ومعروفة وقد تم تنقيحها لتصبح الدولة ميكروسكوبية مقطعة الأوصال، وما قصده ترامب من مؤتمره هو توجيه رسالتين الى من يعنيهم الأمر: الأولى، أن لا عودة لفسلطينيي الشتات، والعالم بات مقسوما الى فسطاطين على طريقة بن لادن، جزء مع أميركا واسرائيل والجزء الثاني ضدهما، وقد أطلق ترامب بذلك رصاصة الرحمة على الأمم المتحدة ودورها وقراراتها ذات الصلة.

والرسالة الثانية الى العرب، وقد جزأهما الى فئتين، الأولى مع تصفية القضية الفلسطينية والثانية ضدها.

لكن للحقيقة والتاريخ لن ندخل في تعداد من هم مع ومن هم ضد، من العرب، فالأولون بصمتهم الدهري هم مع، والثانون، هم مع، لكثرة مراجلهم العقيمة وقد أبادوا شعوبهم وقمعوها وجوعوها باسم نصرة فلسطين، حتى تفتتت دولهم، فيما اسرائيل حية كالحية فرحة تشرب الأنخاب وهي تشاهد العرب يقتتلون ويستزلمون، هذا لأميركا وذاك لإيران. في ما يخص لبنان، وهذا ما يهمنا، إن ما جرى يحتم على الدولة رفض التوطين والإكثار من الأصدقاء لحماية حقها، لا الأعداء، كما يؤكد مجددا وتكرارا ضرورة أن تنتهج الدولة سياسة الحياد الإيجابي. إضافة الى ذلك، حذار الربط بين المشروع الأميركي-الإسرائيلي و فيروس كورونا والانتفاضة اللبنانية المباركة، وحذار التعمية البوليسية واعتبار أن هذه الحركات تستهدف العهد، لتعفي الدولة نفسها من واجب التصحيح و تلجأ الى القمع ومطاردة الساحرات كما فعلت في السابع من آب 2001 . وفي السياق أولى بالحكومة الوليدة ان تستمع الى شعبها فتستقيل، و ألا تعتبر براغماتية السفراء الذين يعطونها فترات سماح، ضوءا أخضر للمضي فيما هي فاعلة، لأنهم يعلنون بوضوح إنهم لا يثقون بها ولا بتوجهاتها الاقليمية ولا الداخلية، وهذا سيحجب عن لبنان الدعم والمساعدات ويعجل سقوطه في الإنهيار والفوضى .. والتاريخ لن يرحم.