Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الجمعة في 31/01/2020

هل نحن في مرحلة عودة الدولة البوليسية؟ وهل ما نشهده حاليا فصل من فصول استعادة النظام الأمني أنفاسه؟ من راقب أداء السلطة في الاسبوعين الفائتين، وتابع الوقائع على الارض يمكنه التوصل الى هذا الاستنتاج. فالقوى الامنية اضحت اكثر تشددا مع المنتفضين، وقد وصل بها التشدد الى مرحلة العنف احيانا. كما ان القوى الامنية حاولت انتهاك حرمة الساحة الرئيسية للانتفاضة، من خلال الهجوم الصباحي المباغت على ساحة الشهداء.

الهجوم تصدى له المنتفضون وفشلوه ، لكنه كشف عن نية مضمرة في انهاء الانتفاضة والقضاء عليها نهائيا . لكن الحل الامني ليس الوحيد الذي تلجأ اليه السلطة اذ برزت في اليومين الاخيرين نية واضحة لديها في “جرجرة” المنتفضين امام القضاء، في محاولة لاخضاعهم وتركيعهم. وفي هذا الاطار تخطىء السلطة كثيرا.

فالانتفاضة لم تبدأ لتنتهي كأن شيئا لم يكن. الانتفاضة هي تعبير عن وجع وقهر وفقر. هي تجسيد لرفض فئة واسعة من اللبنانيين السرقة الموصوفة التي تعرضت لها بلادهم منذ ثلاثين عاما حتى اليوم ،على يد سلطة سياسية فاسدة في معظمها. وبالتالي فان الحل الامني – القضائي يجب ان يطبق على السياسيين الفاسدين، لا على المنتفضين، والانتفاضة لن تنتهي قبل اجتثاث السلطة التي سرقت مستقبل اللبنانيين، وقبل القضاء على حكم الفاسدين.

في العملي، رئيس الحكومة لا يزال يواصل اجتماعاته الاقتصادية في السراي الحكومي، كما لا يزال يشيع اجواء تفاؤلية . فهو أعلن امام وفد الهيئات الاقتصادية اليوم ان الحلول ليست صعبة ، وان على الجميع ان يتحمل قليلا على امل ان تتمكن الحكومة من تحقيق انجاز يؤدي الى الخروج من الازمة.

طبعا اشاعة الاجواء الايجابية هي من واجبات كل مسؤول، خصوصا في ظل ازمة كالتي نعاني تداعياتها في المرحلة الراهنة . لكن السؤال يبقى : كيف ستتمكن حكومة حسان دياب من تحقيق انجاز اذا لم تعالج اصل المشكلة؟ والاصل هنا يتعلق بسياسة لبنان وموقعه وموقفه في الصراع الاستراتيجي الطاحن الذي يضرب المنطقة.

فحتى الان ليس هناك اي رد فعل ايجابي من دول الخليج ومن الدول العربية عموما تجاه التطورات السياسية الاخيرة في لبنان. كما ان اوروبا واميركا لا يبديان حماسة كبيرة تجاه الحكومة الجديدة ، وهما ينتظران البيان الوزاري ليبنى على الشيء مقتضاه . وهذا يعني ان المساعدات التي يعد بها لبنان نفسه بها للخروج من الازمة ، ستبقى معلقة حتى اشعار آخر . ان النأي بالنفس في الصراع الاستراتيجي هو المدخل الى الحل السياسي والاقتصادي والمالي. فكيف ستتمكن حكومة اللون الواحد لدياب من تحقيق ما عجزت عنه حكومة الوحدة الوطنية للحريري؟.