اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري أنهت عملها، واضعة اللمسات التجميلية الاخيرة عليه. وسيعقد مجلس الوزراء جلسة الخميس لإقرار البيان نهائيا وارساله الى مجلس النواب تمهيدا لمناقشته والتصويت عليه.
طبعا الثقة مؤكدة ومحسومة، اذا تمكن النواب من الوصول الى البرلمان. وبعد الثقة ستبدأ فترة السماح للحكومة التي تمتد مبدئيا مئة يوم، وهي ستحدد ما اذا كانت حكومة حسان دياب قادرة على النجاح وتحقيق الطموحات، او ان وعودها ستبقى حبرا على ورق. في المبدأ، النجاح صعب لأن حكومة دياب انتجت قوى سياسية اوصلت لبنان الى ما وصل اليه، وبالتالي فهي غير قادرة على مواجهة الواقع، لا بل حتى غير قادرة على تسمية الامور باسمائها.
ففي مقدمة البيان يرد حرفيا ما يأتي: لبنان مر في السنوات الاخيرة بأزمات وتحديات كبيرة تراكمت حتى أوصلتنا الى ازمة مصيرية. ان العبارة المذكورة، على بساطتها، تشكل المفتاح الاساسي لفهم العقل الاستسلامي، التبعي، الذي يسير الحكومة الحالية. فهي لم تسم ولم توصف من اوصل لبنان الى ازماته، حتى بدت هذه الازمات كأنها آتية من كوكب آخر وليس سببها طبقة سياسية فاسدة بمعظمها. فاذا كانت الحكومة لا تجرؤ في بيانها على تحديد المرتكبين وتفضل تجهيل الفاعلين، فكيف ستحارب الفساد والمفسدين، ومن اين ستمتلك الجرأة لاسترداد الاموال المنهوبة والمسروقة؟
أبعد من ذلك. البيان الوزاري يعد اللبنانيين المنتظرين بالكثير على الصعيدين المالي والاقتصادي. كما يؤكد بشكل أو بآخر ان عملية الاصلاح ستسير بخطى حثيثة، وان بشائر التغيير ستظهر بعد مئة يوم. في المقابل الحكومة لم تبدل من مقاربة الحكومات السابقة لملفات سلاح حزب الله والمقاومة وحياد لبنان والنأي بالنفس. ومعلوم ان وضع لبنان الاقتصادي مرتبط بوضعه السياسي. فلو ان المجتمعين 2 العربي والدولي مرتاحان للوضع في لبنان ولمواقفه، لما كنا نعاني على الصعيد الاقتصادي. وهو امر اختبره الرئيس سعد الحريري بالذات في الزيارات العربية والدولية الكثيرة التي قام بها. لقد وعد من بعض الدول فلم تتحقق الوعود. ولقد طلبت منه بعض الدول تغيير مواقف لبنان في القضايا الاستراتيجية فلم يستطع تلبية طلبها. لذلك وصلنا الى المأزق. فاذا كان سعد الحريري بما له من علاقات خارجية لم يحقق اي خرق عربي ودولي لدعم لبنان، فماذا يستطيع حسان دياب ان يفعل؟ واذا كانت حكومة الوحدة الوطنية فشلت في نيل ثقة العرب والعالم فهل في امكان حكومة عرابها حزب الله ان تستعيد الثقة المفقودة؟