إذا ، وبعد المعاينة والاختبار لم تكن نسخة البيان الوزاري التي رميت في التداول منذ أيام، اختبارية و لدرس ردات فعل الناس والدول الصديقة لكي يجري على اساسها تنقيحه و تصحيحه، بل كانت النسخة النهائية.
وهذا يعني أن السلطة قررت مختارة أن تمرر بيانها على درب جلجلة حقيقي، إذ أنه سيصطدم برفض اللبنانيين و استهجان الأصدقاء، كما ستعرض الحكومة والنواب اثناء عبورهم الى ساحة النجمة الثلثاء والأربعاء لنيل الثقة، لوابل من المقذوفات الاعتراضية، الصوتية والعينية.
تفسير هذا بإيجاز، أن ما سلق في البيان قد سلق، ولم يكن في الإمكان أفضل مما كان وذلك لأسباب معروفة ومكشوفة .
من هنا قول “راعي الحكومة حزب الله”، إن طريقة تشكيل الحكومة، تفسر عدم وجود برامج إنقاذية جاهزة في بيانها الوزاري، وهذا يعني بما لا يقبل الشك بأنها ستتعاطى مع القضايا الكبرى التي ستواجهها بحسب البرامج الموروثة من الحكومة السابقة، وهذا بالإذن من “حزب الله”، ليس وليد الظروف بل كان أمرا مقررا من اهل السلطة الذين حجبوا قسرا عن المقود الحكومي لكنهم أصروا على التوجيه والحوكمة من بعد بواسطة حكومة المستنسخين.
وأسطع دليل على ما تقدم ، أنه وفي السياسة الخارجية تم البصم بالإجماع على التمديد وبلا سقف زمني لحصر مقاومة العدو بحزب الله .
أما المؤشر السلبي على استنساخ أمراض الحكومة السابقة فتجلى واضحا في الخلاف على خطة الكهرباء والذي انسحب على المكونات الحكومية الوليدة، بين ممثلي أمل والتيار الحر ، رغم غياب الثنائي المشاكس : القوات والاشتراكي.
هذا الواقع الملتوي سيطبع مسار “حكومة مواجهة التحديات” كما عمدها الرئيس حسان دياب، ولعل أهم هذه التحديات يتمثل في اربعة: اثبات تماسك المكونات الحكومية، اكتساب ثقة اللبنانيين المنتفضين، احترام المجتمع الدولي، وحل المشاكل المستعصية. ولا نتسرع إن قلنا إن العناصر الأربعة مفقودة، وسيكون من الصعب بناؤها بعد الاقلاع المتعثر وتحت نار الأزمات.
وسط هذه الأجواء، حدثان يتفاعلان: الأول، استمرار المناوشات المالية بخلفيات سياسية، فبعد اتهام الرئيس بري بعض اصحاب المصارف بتهريب أكثر من ملياري دولار الى الخارج ردت جمعية الرقابة على المصارف بأن الاتهام غير دقيق وصححت بأن كل تحويلات المصارف قانونية ومعللة، وللبحث صلة. والحدث الثاني، استمرار المناوشات الليلية حول المطاعم، بين الثوار الذين يسعون الى تحريم المساحات العامة على النواب الحاليين والمسؤولين السابقين، والنائب زياد أسود الذي يصر على ممارسة حقه بالعشاء حيث يريد مستخدما الشدة، محتميا بمحازبيه وبمظلة واسعة معززة من قوى الشرعية.