Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”mtv” المسائية ليوم الاثنين في 10/2/2020

السلطة التي لا تثق بنفسها وتتحصن وراء الجدران والأسوار وبنادق العسكر، ستكمل الثلثاء الفصل الثاني من مسرحيتها الدستورية الحزينة، فبعد إقرارها الثقة بموازنتها، وأي موازنة، تستعد لفرض الثقة بحكومتها، وأي حكومة.

نعم أي حكومة، إن لم تكن حكومة الشعب وهي ليست كذلك، والدليل أن الشعب يستعد للتظاهر والتعبير السلمي، ليس لمنع النواب والوزراء من الوصول إلى البرلمان لتأمين النصاب فقط، بل لإيصال رسالة قوية إلى الذين سيصلون إلى الداخل بأنهم يمنحون ثقة فقدوها إلى حكومة فاقدة المشروعية، وإن كانت في المجرد حكومة قانونية.

يمنحون الثقة إلى حكومة لن يتجاوز شعاع احترامها حدود احترام أعضائها وبعض أفراد عائلاتهم لأنفسهم. يمنحون الثقة إلى حكومة أنشدت بحناجر وزرائها وعرابيها المعزوفة النشاز التي تقول لازمتها: “لن أنجز، لأني ورثت أحمالا ثقيلة من شقيقتي التوأم الراحلة، تنوء بحملها الجمال”، علما بأن الحكومة المشؤومة حية ترزق وهي تنبض في عروق الحكومة الوليدة ومفاصلها.

وبعد، قد ينجح المختبئون وراء جدران الفصل في قهر الناس وانتزاع الثقة، لكن هل الثقة هي الغاية أم الوسيلة وجواز الحكم؟، وإذا أدارت الحكومة ظهرها لمواطنيها، فمن بربكم في العالم سينصت اليها، علما بأنها تستعطي من هذا العالم كل ما تحتاجه، وما أكثر الحاجات؟.

قد يعتقد البعض عند سماعه ما تقدم، أن الشعب الواحد المنتفض يواجه حكومة واحدة متحدة متكافلة، لكن هذا غير صحيح إطلاقا، فنظرة واحدة وسريعة إلى ما قاله عرابو الحكومة من أهل الثامن من آذار، في الحكومة وفي شأن مشاركة نواب هذا الفريق في جلستي الثقة، يكتشف أن حضوره الهزيل، بدأ يتناقص بإعلان كتلة نواب “القومي” عدم المشاركة، إضافة إلى تلميح بعض النواب التغيب بداعي الحرد أو بداعي المرض أو بداعي السفر، ما قد يعرض الحكومة إلى فقدان الثقة.

وهذا إن حصل، أي إذا لم يستخدم “حزب الله” كرباج “المونة” على حلفائه الأعداء، فإنه سيشكل في حده الأقصى انقلابا موصوفا أو تخليا مقصودا من الحزب عن تجربة دياب التي لم يبتلعها منذ البدء، أو إقلاعا كارثيا للحكومة بلا أجنحة الحلفاء ومن دون محركاتهم، ما يعني إنهاء سريعا للموت الدماغي الذي تعاني منه البلاد برصاصة في رأسها.

على حافة هذا المشهد، مواقف تحذيرية يائسة من المسار الذي تسلكه السلطة، ودعوات إلى التواضع ومنح الناس ما يطالبون به وهي مطالب محقة. ومواقف سياسية عالية النبرة أطلقها الرئيس الحريري ضد شركائه في التسوية البائدة، وخصوصا الرئيس عون والوزير باسيل، وقد أسمعهما بأنه هنا، وبأنهما “مش قد” الـone way ticket، وهو سيترجم انتقامه جزئيا في حجبه الثقة عن حكومتهما، وكليا في خطابه السياسي الناري في الرابع عشر من شباط.

أما في الأمن، فالجيش دفن شهداءه الثلاثة الذين سقطوا وهم يوسعون حدود الدولة على حساب الدويلة، في ترجمة صادقة لمفهومه الصافي للسيادة، فيما الدولة من ورائه تتنازل عما بقي لها من سيادة للدويلة.