في “بيت الوسط”: رفيق الحريري من أول وجديد، أم سعد الحريري من أول وجديد؟. في الأساس الشعار الذي رفعه تيار “المستقبل” في الذكرى الخامسة عشرة للاغتيال يتعلق بالأب الشهيد. لكن الاحتفال بين أن الابن الرئيس هو المعني والمقصود، وأنه هو الذي يريد أن يبدأ سياسيا “من اول وجديد”.
الحريري الابن ظهر بمظهر من يريد أن يقطع مع ماضيه السياسي القريب، ولا سيما مع ما أنجز من تسويات وقدم من تنازلات، خصوصا في السنوات الثلاث الاخيرة. ومع أنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها الحريري القطع مع ماضيه، لكنه هذه المرة بدا حازما جازما، كما بدا أن لا هدف له سوى التصويب على الرئيس ميشال عون وعلى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل.
حتى الوثائقي المفصل الذي عرض قبل كلمة سعد الحريري، حصر التعطيل في جهة واحدة: “التيار الوطني الحر” ورئيس الجمهورية، متجاهلا أي دور ل”حزب الله” وحلفائه. وهو أمر جديد كليا في أدبيات تيار “المستقبل”.
أما كلمة الحريري فكانت واضحة تماما: التسوية مع رئيس الجمهورية و”التيار” صارت من الماضي وفي ذمة التاريخ، ولا امكان لعودة الأمور إلى الوراء لأن الرئيس عون يخوض معارك تعطيل والغاء، ولأنه في بعبدا يوجد رئيسان: رئيس أصلي ورئيس ظل، والمقصود طبعا جبران باسيل.
كلام الحريري العالي السقف والنبرة، استدعى تغريدة مباشرة من باسيل. لكن أبعد من الكلام والكلام المضاد، ماذا يعني سياسيا ما حصل اليوم؟. باختصار، أمام مرحلة جديدة، عنوانها: تصاعد المعارضة ضد العهد ورئيس الجمهورية مع استمرار تحييد “حزب الله”. وفي هذا الموقف يتلاقى الحريري مع رئيس “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي افتتح المعركة ضد الحكم، داعيا إلى تشكيل جبهة سياسية ضد العهد.
واللافت الوجود المتكرر لسفير المملكة العربية السعودية أمس واليوم في “بيت الوسط”. فهل عاد الغطاء السعودي ليظلل الرئيس الحريري؟، وما تأثيره على المعادلة السياسية الداخلية القائمة، وحتى على الجولة الخليجية والعربية التي ينوي رئيس الحكومة حسان دياب القيام بها؟.
تبقى ملاحظة أخيرة: مع أن الرئيس الحريري وجه تحية شخصية إلى النائب وليد جنبلاط، ولم يوجه مثلها إلى الدكتور سمير جعجع، لكنه تحاشى من جهة ثانية توجيه أي انتقاد مباشر إلى “القوات اللبنانية”، بل تحدث عن عملية خداع تعرضت لها “القوات” في تفاهم معراب، وعن حرب الغاء استهدفتها بعد وصول عون إلى سدة الرئاسة. فهل نشهد في مرحلة لاحقة نوعا من التحالف بين “المستقبل” و”الاشتراكي” و”القوات”، برعاية اقليمية، ضد العهد ورئيسه، أم أن المعارضة ستبقى مشتتة وعلى القطعة ولن تصبح معارضة منظمة ومتكاملة؟.