جملة اصناف من الاعتراضات المكتومة والمعلنة تسابق سعي الحكومة الى الدخول في صلب المعالجات التقنية البحتة للكارثة المالية والاقتصادية التي يغرق لبنان في مستنقعها. ويتعين على الحكومة، وليس أي مؤسسة غير الحكومة، رفع هذه العوائق من طريقها في اسرع وقت، إذا كانت جادة في الخروج مما نحن فيه من مصائب.
أول هذه المعوقات ، يكمن في اعتراض المصرف المركزي وجمعية المصارف على تأجيل سداد مترتبات اليوروبوند صونا لسمعتهما، والتي برأيهما هي من سمعة لبنان .
ثانيها، تنقية المسار التصحيحي من الكيد السياسي الذي بدأ يطفو الى السطح، وإن جاء في معرض توصيف صعوبة إيجاد الحلول، وقد تجلى في الحديث المسهب عن التركة الثقيلة وتحميل مسؤولية المصائب لفريق محدد. وأخيرا وليس آخرا، اعتراض حزب الله على ما يعتبره استدراجا للإملاءات الأجنبية على لبنان، عبر استدعاء صندوق النقد للتدخل في الأزمة، والحزب يخشى السيطرة على الحدود مع سوريا والمعابر لوقف التهريب، ومن تشديد المراقبة على حركة الأموال، بما يكشف الحزب ماليا وعسكريا.
ضمن هذا السياج الشائك المستحدث الذي يضيق الخيارات السيادية والعلمية والعملية أمام الحكومة والحكم، بدأ وفد صندوق النقد الدولي زيارة جس نبض واستطلاع لما تنوي الحكومة والسلطات المالية إعتماده، و ليست الزيارة لتشخيص المرض، فالقيمون على الصندوق يعرفون جيدا الطنجرة وغطاها، ومكونات الطبخة وجمعية الطباخين الذين شوشطوها. وإذ كان دور الصندوق ينحصر في إسداء النصح والمشورة، إلا ان المسؤولين اللبنانيين باتوا على قناعة بأن ليس امامهم سوى تأجيل السداد وإعادة الهيكلة بعدما أحرقوا كل احتمالات إيجاد الدواء في لبنان، ومن شأن هذا الخيار أن يدخل صندوق النقد والمؤسسات الدولية والمكاتب القانونية على خط الرقابة الصارمة ومتابعة المسار التنفيذي لخطة النهوض . وسط هذه الأجواء انعقد مجلس الوزراء، حيث جرى استعراض كافة الحلول الممكن اعتمادها، لكن لم يتم حسم أي منها، في انتظار أن تستكمل اللجان المختصة الاطلاع الجمعة على آراء الخبراء الماليين والقانونيين الدوليين والمحليين لاختيار افضل المسارات، أو المسارات الأقل ضررا على لبنان، تمهيدا للبدء بـتلمس سبل الخروج من الأزمة