كأن الفيروسات القاتلة المعششة عندنا لا تكفينا، وكأن أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لا تكفينا، فجاءنا الكورونا ليصب الزيت على نار حالتنا. وكأن ما تتكرم به ايران على لبنان واللبنانيين لا يكفي، فأرسلت الينا الكورونا لتكمل معروفها معنا.
شكرا ايران، لأنك سمحت لطائرة فيها مصابون بالكورونا أن تدخل أجواءنا. فهل هكذا يكون التعاون بين الدول؟ وهل هذا هو الدعم الذي تعدين به لبنان ؟ وهذا التصرف الخطر الا يجب ان يدفع المسؤولين عندنا الى اتخاذ قرار جريء بمنع الطائرات الاتية من ايران ان تحط على الاراضي اللبنانية؟ طبعا ثمة من سيعتبر ان مثل هذا القرار غير مقبول لأنه يضرب علاقات لبنان بدولة أخرى، لها حضور فاعل على الاراضي اللبنانية، ويتعاطف معها قسم من اللبنانيين.
مع ذلك فان على المسؤولين اللبنانيين اتخاذ قرار حاسم بوقف الرحلات من ايران الى لبنان.
صحة اللبنانيين فوق كل اعتبار، في حين ان ايران تصرفت بلا مسؤولية مع الشعب اللبناني وعرضت أمنه الصحي للخطر. لكن المسؤولية لا تقتصر على ايران بل تشمل أيضا المسؤولين اللبنانيين. فالمديرية العامة للطيران المدني اعلنت صباحا ان لا اصابات على متن الطائرة الايرانية الاتية الى لبنان.
لكن بعد الظهر تغيرت الوقائع، اذ اطل وزير الصحة على اللبنانيين للاعلان عن اول اصابة مؤكدة بالكورونا وعن الاشتباه بحالتين اخريين. فكيف يمحو كلام بعد الظهر كلام قبل الظهر؟ وهل بمثل هذا الاستهتار تتم مواجهة أخبث واقوى واخطر فيروس يضرب العالم حاليا؟ والابشع ان المسؤولين في مطار رفيق الحريري تركوا ركاب الطائرة الايرانية يتوزعون على كامل الارضي اللبنانية بدلا من ان تحجرعليهم كما يحصل في دول العالم المتحضر. وهنا لا يفيد التحجج بأنه تم الكشف على الركاب في المطار. فالمعروف ان الطائرات هي اكثر الاماكن التي تنتقل فيها الفيروسات، وفيروس كورونا لا يظهر فورا بل يستلزم احيانا خمسة عشر يوما. وما دام الامر كذلك، فانه ليس علينا الا نسلم أمرنا للعناية الالهية ، لأنه لا يمكننا اطلاقا تسليم امرنا الى دولة مصابة بكل فيروسات الاهمال والاستهتار والجهل والفساد.