التجاوب الواسع للبنانيين مع دعوة الـ mtv لملازمة منازلهم تفاديا للموت المحدق بهم، كان يفترض أن يشكل صعقة تصحي الدولة وتدفعها الى لعب دورها الحاضن والحامي لمواطنيها، فتوجهت العيون الى مجلس الوزراء، إلا أن ظن الناس خاب مجددا، بل ذهلوا لدى استماعهم الى مقرراته.
وقد جاءت أشبه باسطوانة قديمة مسجلة رددتها وزيرة الاعلام ومفادها ان الرئيس دياب، تحدث في الجلسة عن استثمار سياسي للفيروس، مرددا وصفه اعتراض الناس على تقصير الحكومة بالنكايات والاستهداف الكيدي، خاتما المعزوفة بـ couplet ” عنزة ولو طارت”.
أما الانجازات التي لا يراها الناس الجاحدون فهي تتمحور حول التهاني التي تلقتها الحكومة من الكون على طريقة محاربتها الفيروس، والتي صارت من خلالها مثلا يحتذى في العالم.
في السياق، هنأ وزير الصحة نفسه على التدابير الصحية وعلى جاهزية المستشفيات مرددا بأن لبنان ليس جزيرة معزولة عن الأمراض، ورفض تحميل فريقه السياسي اي مسؤولية عن إمطار هذه الجزيرة بالطائرات الموبوءة من إيران، وشرح لمجلس الوزراء أن المخالطة هي السبب الأساس لانتشار الفيروس، محددا أماكنها بالدول الأوروبية ومصر ودبي مستثنيا إيران .
في الأثناء ارتفع عدد المصابين الى 73 والوفيات الى ثلاث . فيما لامس مستشفى الحريري طاقته الاستيعابية القصوى ، والارقام المقلقة وحدها تشكل الرد الأصدق على الاستهتار المتمادي بصحة اللبنانيين. في السياق أيضا اثارت مطالبة إيران صندوق النقد الدولي إقراضها خمسة مليارات دولار لمحاربة الكورونا ، استهجان اللبنانيين وترقبهم في آن ، مرة لأن إيران كانت عرضت أمس عبر سفارتها في بيروت مساعدة لبنان في مكافحة الفيروس ، ومرة لأن القرار الفارسي لا بد أن يطري موقف حزب الله الذي كان حتى الأمس يرفض التعاطي مع الصندوق لعدم إخضاع لبنان للهيمنة الاميركية.
في الشق المالي الاقتصادي، بلغ مجلس الوزراء ان بعض الصناديق الإئتمانية الدولية هي في صدد رفع دعاوى ضد الدولة اللبنانية لتخلفها عن سداد ديونها، قبل أن ينصرف المجلس الى تحضير المقصات الضرورية لبدء عملية الـ “هيركات” التي ستفضي بدورها الى قوننة الكابيتال كونترول ووضع آلياته التنفيذية. المجلس استدرك الخوف الذي سينجم عن هذه الخطوات، من رفع للضرائب والرسوم، ومن انعكاسات سيئة على قيمة الليرة، فسارع وزير المال غازي وزني الى طمأنة الناس الى أن سعر الليرة سيظل مثبتا في المدى المنظور ، لكنه في المقابل أكد تثبيت سعر البنزين ، وسط الهبوط العالمي في سعر المحروقات، كي لا تخسر الخزينة المزيد من المداخيل، وعلى الناس أن يفهموا أن هذه هي الغاية من الخطوة.
وسط الأنباء السوداوية ، خبرية مهضومة: مصرف لبنان طمأن الى أن العملة الورقية ليست ناقلا استثنائيا للفيروس وهي مثل كل الأشياء التي يلمسها الانسان في يومياته، فأرتفعت اصوات الناس”: اشتقنا الى شكل الليرة وملمسها ولو حملت الى جيوبنا كل فيروسات الأرض”.