يبدو أن فيروس الكورونا لم يكتف بتهديد النظام الصحي في لبنان، المشدود على وتر مصالح “حزب الله”، بل أسقط العقيدة القتالية التي طالما انتهجها الحزب في مواجهة أعدائه. فاللبنانيون يذكرون جيدا أن الحزب ذهب إلى مقاتلة “داعش” والإرهاب في سوريا والعراق، وأفحم معارضي تدخله في الخارج بالترداد دائما بأن أحسن استراتيجية للدفاع هي مهاجمة العدو في عقر داره لا انتظاره كي يدخل منازلنا وغرف نومنا ويقتل أولادنا.
وكما سمعنا أمس، فالحزب يتعامل مع الفيروس على أنه عدو مكتمل الأوصاف مجهول الشكل والهوية، مقاتلته واجبة وبمختلف الأسلحة المتوفرة. فبربكم ألم يكن أجدى إقفال الحدود والسماح بإقفال المطار في وجه كل الرحلات الآتية من كل الدول المصابة، ومساعدة الحليف الإيراني على دفن الفيروس في بلاده، بدلا من استقباله معززا مكرما ينهمر علينا من الطائرات الموبوءة، وعبر الحدود المفتوحة مع سوريا، وقد استباح منازلنا وغرف نومنا، وقتل رجالنا وضرب اقتصادنا؟.
لا يتوقع اللبنانيون الجواب والإعتذار، ولا حتى نسخة ثانية من “لو كنت أعلم”، ولا هم يطلبون ذلك. يكفيهم أن الحزب سمح للدولة أن تواجه الفيروس بالصيغة التي تراها مناسبة، والصيغة المناسبة الوحيدة المتبقية هي إعلان حال الطوارىء، فهل ستستجيب الحكومة الأحد؟.
يبدو أنها ستستجيب، فزوال الموانع الاستراتيجية، ودعوات اللبنانيين ومطالبات القيادات الوطنية وضغط الـ mtv لإعلان حال الطوارىء، يبدو أنها ستلقى صدى إيجابيا في جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية بعد ظهر الأحد، وقد ارتفع منسوب التوقعات التي تصب في هذا الاتجاه إثر دعوة المجلس الأعلى للدفاع للانعقاد عصر الأحد أيضا، إذ ما كان من داع لدعوته لولا قرار الحكومة بإعلان حال الطوارىء.
المعلومات المتقاطعة التي حصلت عليها الـ mtv، ترجح إعلان حال طوارىء صحية، مصحوبة بإقفال المعابر الجوية والبرية والبحرية والمؤسسات العامة والخاصة والتعليمية، وكل الأماكن التي يختلط فيها الناس، لمدة خمسة عشر يوما يستثنى منها المؤسسات الأساسية. على أن يبقى المطار مفتوحا في الأيام الأربعة الأولى للسماح لمن يرغب في العودة إلى لبنان أو مغادرته.
توازيا، رقعة الفيروس تتوسع وكذلك عدد الإصابات، ما دفع الدولة إلى رفع عدد مراكز الفحوص الطبية والمستشفيات، عل حال الطوارىء وإقفال المعابر ومنع الاختلاط توصل الدولة إلى وقف انتشاره تمهيدا للقضاء عليه.
أخيرا، يجب ألا ننسى أن المصيبة الصحية حجبت الأزمة المالية- الاقتصادية جزئيا، لكنها موجودة جدا وتتكافل مع الكورونا، وبقعة مآسيها تتوسع وتهدد اللبنانيين بصنف آخر من الموت.