الأزمات تتصاعد لكن الحكومة تسلك دربا انحداريا معاكسا، افقدها زمام المبادرة، فإذ بها تحولت سريعا الى جزء من الأزمة بدلا من أن تكون هي رافعة الحل وقاطرته. هذا المنحى هو في جزء منه إرادي ارتضت الحكومة سلوكه اي أنها ارتضت التبعية الكاملة للطبقة الحاكمة فعندما اختلف أمراؤها خرجت هي من الخدمة. والمضبطة في هذا الإطار طويلة، تبدأ في خلافات مكوناتها على السياسات المالية والاقتصادية والتشكيلات القضائية والصراع على نواب حاكم مصرف لبنان وهيئة الرقابة على المصارف وقطاع الكهرباء، ولا تنتهي بالهيركات والكابيتال كونترول وصندوق النقد.أما الشق اللاإرادي الذي وجدت الحكومة نفسها عالقة في شباكه، فهو فيروس الكورونا الذي لم تسع الدولة اليه بل هو سعى اليها.
وليس الوقت لانتقادها على بطئها في اتخاذ التدابير الرادعة المنقذة، وقد سقطت دول عظمى في سوء التقدير نفسه فدفعت أثمانا أكبر، لكننا طبعا لا نؤيد مقولة إننا النموذج الأمثل في الأداء. في السياق، تنشغل الدولة بأجهزتها على جبهتين: الصحية المباشرة، والاجتماعية المحيطة، على الجبهة الأولى تواصل الدوائر الصحية الاستعدادات لتجهيز المستشفيات لمواجهة احتمال توسع رقعة الفيروس. على الجبهة الثانية، تتركز المعركة على فرض احترام القرارات المتخذة لحماية الناس من نفسها ومن الوباء، وفي مقدمها تخفيف التجول.في صلب هذا المسار، تبرز مسألة المساعدات العينية للشريحة الأكثر فقرا، وهنا المعروض أقل من الاحتياجات، وسط خوف من الأفق غير المحدَّد زمنيا لانتهاء هذا الكابوس. ووسط الخوف من الأعظم الذي يتهدد البشرية، رفع الحبر الأعظم البابا فرنسيس صلاة الغفران وتردَّد صوته الدافىء ووقع حبات سبحته في ارجاء العالم ناشرا الأمل والرجاء بانتصارٍ اكيد على الموت .
في الإطار نشير الى اننا سنعود بعد قليل الى الفاتيكان لنقل لحظة اعطاء البابا فرنسيس الغفران الكامل.